تفسير قوله تعالى: ((...وَذَرُوا الْبَيْعَ...)). حفظ
الشيخ : (( فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ )). ذروا بمعنى : اتركوا. حتى لو كانت السلعة بين يديك تعرضها للزبون فسمعته يقول : الله أكبر. خلاص وقف، حتى لو قلت : بعت عليك، وسمعته يؤذن قبل أن يقول : قبلت، وقف، يعني لا يجوز إيجاب ولا قبول بعد أذان الجمعة.
(( ذروا البيع )) : اتركوا البيع. أي بيع؟ أي بيع؟ أجيبوا يا جماعة؟ عامة، الآية عامة، أي بيع سواءٌ كان هذا البيع قليلاً أو كثيرا. حتى لو كان مسواكاً. أذن للجمعة وأنت تريد أن تشتري مسواكاً لتتسوك به لهذه الصلاة ما يجوز، ليش؟ لأنه إيش؟ لأنه بيع. استثنى العلماء رحمهم الله ما لو كان الإنسان يحتاج إلى شراء ثوب، يعني عنده ثوب نجس ما يمكن يصلي فيه يحتاج إلى شراء ثوب. هنا يجوز أن يشتري ثوباً ولو بعد أذان الجمعة الثاني، لماذا؟ لأنه يشتري الثوب للوصول إلى شرط من شروط الصلاة. فصار اشتغاله بشراء الثوب لمصلحة إيش؟ لمصلحة الصلاة، لمصلحة الصلاة. استثنى أيضا العلماء : ما لو وجد ماءً يباع وهو على غير وضوء بعد أذان الجمعة الثاني. وهذا يوجد في المدن الكبيرة. فهل يشتريه ليتوضأ به أو نقول : يحرم شراؤه ويتيمم وصل؟ الأول ولا الثاني؟ الأول، نقول: هذا ضرورة، وهذا أيضاً لمصلحة الصلاة. استثنى العلماء ما كان للضرورة، كإنسان هالك من الظمأ، والماء يباع عند المسجد. وهو إن دخل في الصلاة شوش فكره يريد إيش؟ يريد الماء فله أن يشتري ويشرب وإلا فالأصل التحريم (( ذروا البيع )) هذا مع أن البيع حلال في الأصل. البيع في الأصل حلال - انتبه يا أخ - البيع في الأصل حلال. ويش الدليل؟ قول الله تعالى : (( وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا )). لكن لما كان البيع قد ينشغل به الإنسان عن حضور الخطبة والصلاة صار البيع في هذه الحال حراماً. طيب. أرأيتم لو أن رجلين يمشيان إلى الجمعة فأذن المؤذن. فقال أحدهما للآخر : يا فلان، اشترينا أرضاً هل لك الرغبة في أن تساهم فيها؟ قال : نعم، اكتبني مساهماً. قال : إن شاء الله أكتب. هل يجوز هذا أو لا يجوز؟ انتبهوا يا جماعة. اثنان يمشيان إلى المسجد فسمعا النداء فقال أحدهما للآخر : فيه أرض ساهمنا فيها هل لك أن تساهم فيها؟ قال : نعم، اكتبني. قال له الأخ خلاص أنت مساهم. هل يجوز هذا أو لا يجوز؟ نعم؟ طيب المساهمة هل هي بيع وإلا غير بيع؟ بيع يا جماعة. بيع. هل تدخل في الآية : (( وذروا البيع )) أو لا تدخل؟ تدخل. إذن هذا حرام، حرام ويلغى العقد. وإذا انتهت الصلاة يجدد ويقول : يا فلان، أنا مساهم معكم اكتب لي سهماً، أظنه واضح إن شاء الله، واضح، طيب إذن البيع بعد نداء الجمعة الثاني محرم وباطل، ولا ينتقل فيه المبيع للمشتري ولا الثمن للبائع. وإذا وقع هذا قلنا للمتبايعين: هذا عقد باطل، وإذا انتهت الصلاة فتبايعا من جديد.
طيب. هل تحرم الهدية بعد نداء الجمعة الثاني؟ لو كان الإنسان - مثلاً- يمشي مع صاحبه ومعه مسواك فأهداه لصاحبه هدية. يجوز أو لا يجوز؟ بعد الأذان يا جماعة! بعد الأذان؟ بعد الأذان؟ يجوز؟ ليش؟ ليس بيعاً، هذا ليس بيعا، ثم هو يسير ما فيه إلا خذ هذا المسواك، فيأخذه ما يلهي.
طيب. عقد النكاح. رجلان يمشيان فقال أحدهما للآخر: إنه يطلب زوجة، يبحث عن زوجة، قال: عندي لك زوجة بنتي، ومعهما رجلان آخران علشان يكونوا شهودا، فقال : زوجنيها، قال : أبرك ساعة، أنا ما غدوتها إلا لك وأمثالك، باسم الله زوجتك بنتي فلانة. قال: قبلت، بعدما أذن، بعد ما أذن الثاني يوم الجمعة وهما في طريقهما إلى المسجد. فقال : اشهدا يقول للرجلين : اشهدا، تم العقد الآن. يجوز هذا وإلا ما يجوز؟ طيب الظاهر لي أن ستختلفون على هذا. من لم يكن تزوج يقول يجوز. ومن كان قد تزوج يقول ما يجوز. آدم الظاهر إنه تزوج يقول ما يجوز. وعبد الرحمن إيش تقول؟ يجوز، لأنه لم يتزوج. طيب على كل حال ننظر للآية. اجعلونا نمشي على ألفاظ نصوص الكتاب والسنة، نمشي على الآية (( فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا )) إيه؟ (( وذروا الْبَيْعَ )) هل النكاح بيع؟ عقد النكاح عقد بيع؟ ما هو عقد بيع. إذن على مقتضى اللفظ أن يكون النكاح جائزاً، أن يكون عقد النكاح جائزا، لأنه أمر نادر يقل جداً. متى يصدف أن اثنين يمشيان إلى المسجد وبعد الأذان يزوج أحدهما الآخر ابنته؟! هذا ما تيسر، والنادر يقول العلماء: ليس له حكم. ومن نظر إلى أن المقصود بالنهي عن البيع هو إيش؟ الانشغال عن حضور الخطبة والصلاة قال : النكاح قد يشغل أكثر. هذا الرجل اللي عقدنا له الزواج سوف يفكر متى الدخول؟ ومتى يصير؟ ومن أين المهر والنفقات وأثاث البيت؟ يفكر أكثر من عقد البيع. أليس كذلك؟ فيقول بعض العلماء الآخرين : يقول: عقد النكاح حرام ولا يصح. وإنما ذكر الله البيع لأنه الغالب وإلا فجميع العقود مثله إلا شيئاً نعلم أنه لا يمكن أن يلحق بالبيع لقلة إشغالك كالهدية -كما مثلنا أولاً - فهذا يجوز.