شروط وجوب الصوم. حفظ
الشيخ : وآخر شيء البحث فيمن يجب عليه الصوم. هل الصوم واجب على كل الناس أو لابد فيه من شروط؟ لابد فيه من شروط. واعلم يا أخي وأخص طالب العلم : أن من إتقان هذه الشريعة أن جعلت للعبادات ضوابط بحيث لا تجب إلا بشروط ولا تسقط إلا بأسباب. فالشروط شروط وجوب الصيام : أن يكون مسلماً، بالغاً، عاقلاً، قادراً، مقيماً، خالياً من الموانع. كم؟ أن يكون مسلماً، بالغاً، عاقلاً، قادراً، مقيماً، خالياً من الموانع.
الإسلام ضده الكفر. فالكافر ما نلزمه بالصوم، بل ولا نأمره بالصوم حتى يسلم. لو رأينا كافراً يأكل في بيته نشم رائحة الطعام. ونشاهده يأكل في البيت في نهار رمضان هل نقول له شيئا؟ لا ما نقل شيئاً. نعم لو خرج إلى السوق نمنعه. لكن في بيته لا نمنعه ولا ننهاه عن الأكل، لأنه ليس بمسلم.
بالغا : وضد البلوغ الصغر. والبلوغ يحصل بواحد من ثلاثة أمور : إما تمام خمس عشرة سنة، وإما إنزال المني بشهوة، وإما إنبات العانة. وهي الشعر الخشن حول القبل. تزيد المرأة بالحيض. إذا حاضت ولو لم يكن لها إلا عشر سنوات فهي بالغة. والصغير لا يجب عليه الصوم لكن يؤمر به ليعتاده.
عاقلا ضد العاقل المجنون. وإن شئت فقل : ضد العاقل فاقد العقل ، ليشمل المجنون والمغمى عليه والمخرف لكبرٍ. كل هؤلاء لا يجب عليهم الصيام. فلو أن الإنسانا حصل له حادث في أول يوم من رمضان حصل عليه الحادث وبقي مغمى عليه كل الشهر فإنه لا يقضي إلا اليوم الأول، لأن اليوم الأول أدرك أوله وهو صاحٍ والباقي لا شيء عليه، لأنه ليس معه عقل. كذلك المهذري ما عليه صيام. ليش؟ نعم؟ فاقد العقل فلا يلزمه الصيام. كذلك أيضاً لو اختل تفكيره بسبب حادث أو مرض فلا صيام عليه.
الرابع : القدرة وضدها العجز. والعجز إما أن يكون طارئاً يرجى زواله. وإما أن يكون لا يرجى زواله. فالذي يرجى زواله نقول للمريض : انتظر حتى يعافيك الله واقض الصوم. والذي لا يرجى زواله كالعجز عن الصوم لكبر أو لمرض لا يرجى برؤه فإنه يطعم عن كل يوم مسكيناً. كان أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما كبر صار يجمع آخر رمضان ثلاثين فقيراً ويطعمهم خبزاً وإداماً عن ثلاثين يوم.
المقيم ضده المسافر. فالمسافر يخير : إن شاء صام، وإن شاء أفطر. والصوم أفضل له إلا أن يشق عليه فالفطر أفضل. الصوم أفضل ليش؟ أولاً : لأنه فعل النبي صلى الله عليه وسلم
ثانياً : أنه أسرع في إبراء الذمة.
ثالثاً : أنه أيسر على المكلف.
رابعاً : أنه يصادف شهر رمضان الذي هو شهر الصيام. لكن إذا شق عليه ولو قليلاً فالفطر أفضل.
ما تقولون في رجل : ذهب إلى مكة للعمرة وهو صائم لكن في أثناء الطواف والسعي عطش وشق عليه. فهل الأفضل أن يبقى صائماً مع المشقة أو أن يفطر؟ الأولى أن يفطر. ولما جيء إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في آخر النهار -العصر- قيل : ( يا رسول الله! إن الناس قد شق عليهم الصيام وإنهم ينتظرون ما تفعل. فدعا بماء بعد العصر - يعني في آخر النهار - دعا بماء وشربه والناس ينظرون. فأفطر الناس إلا قليلا منهم -كأنهم شحوا باليوم وبقوا ممسكين - فقالوا : يا رسول الله! إن بعض الناس قد صام. قال : ( أولئك العصاة، أولئك العصاة ) لأن الصوم يشق عليهم فلم يقبلوا رخصة الله.
فإن قال قائل : أرأيتم لو كان صائماً ثم سافر في أثناء النهار أيجوز أن يفطر؟
فالجواب : نعم يجوز، يجوز أن يفطر، لأنه يصدق عليه قول الله تعالى : (( فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ )).
فإذا قال قائل : أرأيتم لو أنه قدم إلى بلده وهو مفطر في السفر هل يبقى مفطراً أو يمسك إلى غروب الشمس؟
فالجواب : أن في هذا للعلماء قولين : أحدهما : أنه يجب أن يمسك مع القضاء. والثاني : لا يجب أن يمسك، لأنه لو أمسك ما نفعه. إذ لا بد من قضاء هذا اليوم. هذا القول هو الراجح أنه إذا قدم المسافر مفطراً لا يلزمه الإمساك ، لأنه لا يستفيد من هذا الإمساك شيئاً وليس بصوم. بقي من الشروط : الخلو من الموانع. وهذا خاص في الأنثى يعني أن لا تكون حائضاً. فإن كانت حائضاً أو نفساء فلا صيام عليهما، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟ ).
فإن قال قائل : أرأيتم لو حدث الحيض في أثناء النهار أيفسد صومها؟ أجيبوا يا جماعة. نعم. قلناه قبل قليل.
أرأيتم لو أنها كانت مفطرة حال الحيض ثم طهرت في أثناء النهار أيلزمها الإمساك؟ فيه قولان للعلماء. فهي كالمسافر الذي قدم مفطراً. والصحيح : أنه لا يلزمها الإمساك، لأنها سوف تقضي هذا اليوم.
ولعلنا نقتصر على هذا القدر. ونسأل الله تعالى أن يخلص لنا ولكم النية وأن ينفعنا بما علمنا إنه على كل شيء قدير. والآن إلى الأسئلة، وتكن بين أهل عنيزة وأهل بريدة وأهل رياض الخضراء.
الطالب : جزى الله فضيلة الشيخ خير الجزاء ونفعنا جميعا بما سمعنا.