وقفة محاسبة مع بداية العام الجديد. حفظ
الشيخ : الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد : أيها الإخوة: فهذا هو اللقاء الأول من هذا العام من اللقاءات الشهرية التي تتم في ليلة الأحد الثالث من كل شهر. هذا العام وهذا اللقاء هو ليلة الأحد التاسع عشر من شهر محرم عام واحد وعشرين وأربعمائة وألف. أسأل الله تعالى أن يجعله لقاءً مباركاً نافعاً. هذا اللقاء كما علمتم الآن تم بعد صلاة العشاء. ولكن نظراً لكون الليل يقصر رأينا أن نقدمه في المستقبل فنجعله بعد صلاة المغرب ، حتى يسهل على من جاءوا إلى البلد الرجوع إلى بلدهم مبكرين وحتى لا يطول اللقاء في الليلة القصيرة. فعزْمُنا - إن شاء الله تعالى - في المستقبل أن يكون اللقاء بعد صلاة المغرب.
هذا اللقاء نذكر فيه إخواننا ماذا ختموا به العام الماضي؟ من الناس من ختمه بالحج إلى بيت الله الحرام ( ومن حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه ). ومن الناس من لم يحج ولكن صام يوم عرفة. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عن يوم عرفة : ( إنه يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده ). ولكن مع ذلك لا نتكل على الأماني ، لأن الإنسان قد يقصر، قد يقصر في صومه وقد يقصر في حجه. فلنتأمل هل نحن فيما مضى ، هل نحن فيما مضى من عامنا السابق هل نحن قمنا بالواجب؟ الواجب لله والواجب لعباد الله. هل نحن قصرنا في العمل السابق؟ هل علينا واجبات لم نقم بها؟ هل نحن أدينا الزكاة التي هي حق لله وحق للعباد؟ قد نكون مقصرين في أداء الواجب من الزكاة هل نحن أدينا ما يجب علينا لأقاربنا من النفقات أو لأزواجنا من النفقات؟ هل نحن أمسكنا عن أعراض المسلمين ولم نغتب أحداً ولم ننِمَّ إلى أحد، أم أن الأمور على خلاف ذلك؟ فيجب علينا - أيها الإخوة - أن نحاسب أنفسنا عما مضى. أما المستقبل فهو إلى الله عز وجل. ولكن يجب على الإنسان أن يعزم عزيمة صادقة على أنه سيلتزم بما أوجب الله عليه لله أو لعباد الله، وليستعن بالله وليقرأ قول الله عز وجل : (( أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ )). وهذا من أهم الوصايا كما قال عز وجل : (( شَرَعَ لَكُمْ مِنْ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ )) كمل (( أن أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ )). يجب أن نعزم العقد من الآن على أن نكون أمة واحدة ، على أن يكون هدفنا واحداً على أن يكون منهجنا واحداً على أن تكون قلوبنا متآلفة صافية، ليس فيها حقد على أحد ولا بغضاء لأحد من المسلمين. وعلينا إذا سمعنا عن أحد ما يقال عنه أن نتأكد أولاً هل هذا حق أو ليس بحق؟ فكم من شيء ينقل عن الشخص من قول أو فعل ولا يكون له أساسا من الصحة. فلنتثبت أولاً هل وقع هذا الشيء أو لا؟ يعني مثلاً : لو قيل لنا : إن فلاناً لا يصلي مع الجماعة، هل نأخذ بهذا بدون تثبت؟ أجيبوا يا جماعة. لا. نتثبت أولاً. ثم إذا ثبت لدينا أنه مخل بواجب الجماعة فإننا لا نتخذ من هذا سبيلاً إلى غيبته والتشمت به وإلقاء العداوة والبغضاء في قلوب الناس بالنسبة له، علينا أن ننصحه، علينا أن ننصحه. ولكن كيف النصيحة؟ النصيحة إما أن يذهب الإنسان إليه في بيته، أو يدعوه إلى بيته ويتكلم معه بالرفق واللين والترغيب والترهيب. فإن استقام فهذا المطلوب، وإن لم يستقم برئت الذمة منه وصار الإثم عليه.