تفسير قوله تعالى: (( إإِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً )). حفظ
الشيخ : قوله عز وجل : (( إِنَّا عَرَضْنَا الأمانة )) ، تحدث الله عن نفسه بصيغة الجمع : (( إِنَّا عَرَضْنَا )) فلماذا؟ للتعظيم، لتعظيم نفسه عز وجل، لأنه سبحانه العظيم الذي لا أعظم منه، وقد شبه النصارى شبهوا على عوام المسلمين فقالوا : إن الله سبحانه وتعالى متعدد لأنه يقول : (( إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ )). ويقول : ِ(( إنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى )). ويقول : (( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ )) فيشبهون، لأن هذه الضمائر تدل على إيه؟ على إيه؟ على الجمع. لكنها في اللغة العربية تدل على الجمع وعلى التعظيم. وهؤلاء عموا عن قول الله عز وجل : (( وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ )). وهكذا كل من في قلبه زيغ يتبع ما تشابه من القرآن والسنة فيضرب بعضه ببعض. ولكن يقيض الله عز وجل لدينه من يحفظه ويدفع هذه الشبهات ويبين الحق فيها. فمن هؤلاء؟ هؤلاء هم الراسخون في العلم، لقول الله عز وجل : (( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ )) يعني القرآن (( مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ )). كم قسما ذكر؟ أجيبوا. اثنين : آيات محكمات، وأخر متشابهات (( فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ )) أي: ميل عن الحق وضلال (( فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ )) ويدعون المحكم (( ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ ))، أي: فتنة الناس عن دينهم (( وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ )) أي: تحريفه على ما يريدون. إذن قوله عز وجل : (( إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ ))، (( إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى ))، (( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ ))، وأشباهها من الآيات، وأشباهها من الآيات، يراد بها إيش؟ يراد بها التعظيم. (( عَرَضْنَا الأَمَانَةَ )) يعني: القيام بما يجب (( عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ )) سبحان الله! مخلوقات عظيمة عرض الله عليها الأمانة هل تقوم بها أو لا؟ قال الله عز وجل : (( فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا ))، (( أبين )) أي: امتنعن عن حملها لأنها مسئولية عظيمة. ولعل قائلاً منكم يقول : كيف تعرض الأمانة على جماد؟ فالجواب : الجماد وذو الشعور أمام أمر الله على حد سواء. يوجه الله الخطاب إلى الجماد فيجيب الله عز وجل. يوجه الخطاب إلى الجماد فيجيب الجماد، لأن كل شيء بالنسبة لله على حد سواء. واسمع قول الله عز وجل : (( ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً )). هذا أمر موجه لمن؟ لجماد ((قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ )). هذا الجواب. (( أَتَيْنَا طَائِعِينَ )) فأجابت هذه الجماد أجابت الله عز وجل. ولما تجلى الله عز وجل للجبل حين قال موسى : (( رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ )) شوقاً إلى الله عز وجل، (( قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنْ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنْ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي )) نظر موسى إلى الجبل بعد أن تجلى الله له فجعله دكاً. اندك لعظمة الله عز وجل وخشيته فخر موسى صعقاً. غشي عليه، لماذا؟ لما رأى من الهول العظيم، جبل أمامه صخر عظيم اندك بلحظة! من المعلوم أن الإنسان لا يتحمل هذا (( خَرَّ مُوسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِين )).
أيها الإخوة : لقد قال الله عز وجل : (( لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ )). هذا القرآن وهو كلام الله وصفةٌ من صفاته (( لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ )) أكمل (( خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ )). عرض الله الأمانة على السماوات والأرض والجبال (( فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا )) خفن منها أن لا يقمن بواجب الأمانة، (( وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ )) الله أكبر! حملها الإنسان. بماذا حملها؟ بما أعطاه الله من العقل والتفكير وبما أرسل إليه من رسل وبين له السبل وهداه. حملها الإنسان (( إنه )) أي: الإنسان (( كان ظلوماً جهولا )). قوله : (( إنه )) قال بعض أهل العلم : الضمير يعود على الإنسان الكافر هو الظلوم الجهول. ليس عائداً على كل إنسان، لأن المسلم ذو عدل وذو علم وذو رشد. فالإنسان الذي كان ظلوماً جهولاً من؟ الكافر. أما المؤمن لا يمكن. المؤمن يمنعه إيمانه عن الظلم. المؤمن يمنعه إيمانه عن السفه والغيّ.
أيها الإخوة : لقد قال الله عز وجل : (( لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ )). هذا القرآن وهو كلام الله وصفةٌ من صفاته (( لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ )) أكمل (( خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ )). عرض الله الأمانة على السماوات والأرض والجبال (( فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا )) خفن منها أن لا يقمن بواجب الأمانة، (( وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ )) الله أكبر! حملها الإنسان. بماذا حملها؟ بما أعطاه الله من العقل والتفكير وبما أرسل إليه من رسل وبين له السبل وهداه. حملها الإنسان (( إنه )) أي: الإنسان (( كان ظلوماً جهولا )). قوله : (( إنه )) قال بعض أهل العلم : الضمير يعود على الإنسان الكافر هو الظلوم الجهول. ليس عائداً على كل إنسان، لأن المسلم ذو عدل وذو علم وذو رشد. فالإنسان الذي كان ظلوماً جهولاً من؟ الكافر. أما المؤمن لا يمكن. المؤمن يمنعه إيمانه عن الظلم. المؤمن يمنعه إيمانه عن السفه والغيّ.