شروط التوبة. حفظ
الشيخ : هنا يجدر بنا أن نتكلم عن شروط التوبة. هل كل من قال : تبت إلى الله يكون تائباً؟ لا، لابد من شروط. شروط التوبة خمسة : الأول : الإخلاص لله عز وجل. فمن تاب رئاء الناس فلا توبة له. ومن تاب خوفاً من سوط السلطان فلا توبة له. لابد فيها من؟ ايش؟ من الإخلاص لله عز وجل. وإن كان الإنسان قد يحمله خوفه من السلطان على التوبة. لكن يتوب إلى الله مخلصاً. ولهذا شرعت الحدود في الزنا والسرقة والقذف وما أشبهها. وهذه لا شك أنها تحمل الإنسان على ترك هذه الذنوب. لكنه يتركها لله لا لمجرد الخوف. طيب.
الشرط الثاني : الندم على ما فات. يندم بقلبه ويتحسر ويقول : ليتني لم أفعل. ولا يجعل حاله بعد التوبة كحاله قبلها. بل لابد من انفعال في النفس وندم وليتني لم أفعل لا اعتراضاً على القدر ولكن ندماً على ما فعل.
الثالث : الإقلاع عن الذنب. وهذا هو بيت القصيد. الإقلاع عن الذنب كيف يكون؟ إن كان الذنب ترك واجب قام بهذا الواجب إذا كان يمكن قضاؤه. وأقول : إذا كان يمكن قضاؤه ، لأن من الواجبات ما لا يقضى. مثلاً: لو أن الإنسان ترك الصلاة حتى خرج وقتها عمداً بلا عذر. فهنا لا يصلي يعني : لا يقضي الصلاة ، لأنه لو قضاها لم تقبل منه. قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) ، أي: مردود عليه. أما لو أخرها لعذر كنوم ونسيان فيقضيها ولا حرج. طيب. وإذا كان الذنب فعل محرم أقلع عنه في الحال لا يكمِّل، يقلع في الحال. فلو فرضنا أن إنساناً يأكل طعاماً لغيره ثم تاب في أثناء الطعام هل نقول : له أن يشبع، أو يجب عليه أن يكف؟ أجيبوا يا جماعة. يجب عليه أن يكف لو استمر لم تصح توبته، لأنه لابد من الإقلاع في الحال. لو أن شخصاً استولى على أرض رجل من الناس وتبين له أن الأرض ليست له فهل يُبقي الأرض في ملكه، أو يجب أن يردها إلى صاحبها؟ يجب أن يردها إلى صاحبها حتى لو كان قد بنى عليها. يجب أن يردها إلى صاحبها، ويتصالح مع صاحبها إذا كان قد بنى عليها بنياناً أو يترافعان إلى القاضي. طيب، إذا كان الذنب جحد دينٍ عليه فبماذا تكون التوبة؟ بأن يقر ويرده إلى صاحبه. أما أن يقول : والله أنا أخشى إن أقررت بعد أن جحدت أخشى أن تسوء سمعتي عند الناس. فنقول له جواباً على هذا : إذا ساءت سمعتك عند الناس زمناً قصيراً فستعود السمعة أحسن من قبل، لأن الله إذا رضي عن العبد أرضى عنه الناس. والناس إذا تأملوا في الموضوع ورأوا أن هذا الرجل خرج من المحرم عليه بصراحة أحبوه ورفعوا ذكره وزالت السمعة السيئة. لكن الشيطان يقول للإنسان : لا تقر وأنت جحدت بالأول. إذا أقررت بعد جحدك قالوا : هذا رجل متقلب. ما دام الأمر مضى امضِ. هذا غلط، غلط عظيم. قل الحق وسوف تكون العاقبة لك.
الشرط الرابع : العزم على أن لا يعود في المستقبل. فإن تاب من الذنب الآن ولكن يعني، من نيته أنه إذا حصلت فرصة فعله. فالتوبة غير صحيحة، لماذا يا أخ؟ أه؟ لا أقلع. لم يعزم على أن لا يعود. بل هو تاب الآن لكن في نفسه أنه لو سنحت الفرصة لعاد إلى الذنب. هذا لا تقبل توبته. طيب.
الشرط الخامس : أن تكون التوبة في زمن القبول - انتبه يا أخي، انتبه إلى هذا الشرط - أن تكون التوبة في زمن القبول، بأن تكون قبل حضور الأجل، وقبل طلوع الشمس من مغربها. ذلك لأنه إذا حضر الأجل فإن التوبة غير مقبولة. وإذا طلعت الشمس من مغربها فالتوبة غير مقبولة. الدليل : قول الله عز وجل : (( ولَيْسَتْ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ )). أخي المسلم هل عندك ضمان أنك ستبقى حتى تتوب؟ أجب. لا. إذن يا أخي! بادر بالتوبة قبل أن يدركك الأجل وأنت لم تتب. بادر بالتوبة (( ف(( لَيْسَتْ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ )). وانظر شاهداً لهذا: فرعون الذي أرسل الله إليه موسى وكذب موسى. وخرج بجنوده ليقضي على موسى وقومه، حتى صار موسى وقومه بين البحر وبين فرعون وقومه. البحر بحر القلزم المسمى اليوم بالبحر الأحمر (( قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ )) يعني: أدركنا الآن، هلكنا، البحر أمامنا وفرعون خلفنا. قال موسى قول المطمئن الواثق بالله عز وجل : (( قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ )). فأوحى الله إليه أن اضرب بعصاك البحر، عصا من شجرة عادي. لكن فيه آيات، ضرب البحر بالعصا، أتدرون ماذا كان؟ انفلق البحر اثني عشر طريقاً، انفلق وصارت أسواق واسعة في وسط البحر.