قراءة الطالب لشرح الطحاوية : " ... فإن قيل: فقد قال تعالى: (( إنه لقول رسول كريم )) . وهذا يدل على أن الرسول أحدثه، إما جبرائيل أو محمد. قيل: ذكر الرسول معرف أنه مبلغ عن مرسله، لأنه لم يقل أنه قول ملك أو نبي، فعلم أنه بلغه عمن أرسله به، لا أنه أنشأه من جهة نفسه. وأيضا: فالرسول في إحدى الآيتين جبريل، وفي الأخرى محمد، فإضافته إلى كل منهما تبين أن الإضافة للتبليغ، إذ لو أحدثه أحدهما امتنع أن يحدثه الآخر. وأيضا: فقوله رسول أمين ، دليل على أنه لا يزيد في الكلام الذي أرسل بتبليغه ولا ينقص منه، بل هو أمين على ما أرسل به، يبلغه عن مرسله. وأيضا: فإن الله قد كفر من جعله قول البشر، ومحمد صلى الله عليه وسلم بشر، فمن جعله قول محمد، بمعنى أنه أنشأه - فقد كفر. ولا فرق بين أن يقول: أنه قول بشر، أو جني، أو ملك، والكلام كلام من قاله مبتدئا، لا من قاله مبلغا. ومن سمع قائلا يقول: قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل... - قال: هذا شعر امرئ القيس، ومن سمعه يقول: ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ): قال: هذا كلام الرسول، وإن سمعه يقول: (( الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين إياك نعبد وإياك نستعين )): قال: هذا كلام الله، إن كان عنده خبر ذلك، وإلا قال: لا أدري كلام من هذا؟ ولو أنكر عليه أحد ذلك لكذبه. ولهذا من سمع من غيره نظما أو نثرا، يقول له: هذا كلام من؟ هذا كلامك أو كلام غيرك؟ وبالجملة، فأهل السنة كلهم، من أهل المذاهب الأربعة وغيرهم من السلف والخلف، متفقون على أن كلام الله غير مخلوق. ولكن بعد ذلك تنازع المتأخرون في أن كلام الله هل هو معنى واحد قائم بالذات، أو أنه حروف وأصوات تكلم الله بها بعد أن لم يكن متكلما، أو أنه لم يزل متكلما إذا شاء ومتى شاء وكيف شاء وأن نوع الكلام قديم. وقد يطلق بعض المعتزلة على القرآن أنه غير مخلوق، ومرادهم أنه غير مختلق مفترى مكذوب، بل هو حق وصدق، ولا ريب أن هذا المعنى منتف باتفاق المسلمين. والنزاع بين أهل القبلة إنما هو في كونه مخلوقا خلقه الله، أو هو كلامه الذي تكلم به وقام بذاته؟ وأهل السنة إنما سئلوا عن هذا، وإلا فكونه مكذوبا مفترى مما لا ينازع مسلم في بطلانه. ولا شك أن مشايخ المعتزلة وغيرهم من أهل البدع - معترفون بأن اعتقادهم في التوحيد والصفات والقدر لم يتلقوه لا عن كتاب ولا سنة، ولا عن أئمة الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وإنما يزعمون أن عقلهم دلهم عليه، وإنما يزعمون أنهم تلقوا من الأئمة الشرائع.... " مع تعليق الشيخ. حفظ