تعليق الشيخ على ما تقدم قراءته من الشرح . " ... وكذلك الرجل أول ما يسلم، إنما يجب عليه الإقرار المجمل، ثم إذا جاء وقت الصلاة كان عليه أن يؤمن بوجوبها ويؤديها، فلم يتساو الناس فيما أمروا به من الإيمان. ولا شك أن من قام بقلبه التصديق الجازم، الذي لا يقوى على معارضته شهوة ولا شبهة - لا تقع معه معصية، ولولا ما حصل له من الشهوة والشبهة أو إحداهما لما عصى، بل يشتغل قلبه ذلك الوقت بما يواقعه من المعصية، فيغيب عنه التصديق والوعيد فيعصي. ولهذا - والله أعلم - قال صلى الله عليه وسلم: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن» الحديث. فهو حين يزني يغيب عنه تصديقه بحرمة الزنا. وإن بقي أصل التصديق في قلبه، ثم يعاوده. فإن المتقين كما وصفهم الله تعالى بقوله: {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون}(1). قال ليث عن مجاهد: هو الرجل يهم بالذنب فيذكر الله فيدعه. والشهوة والغضب مبدأ السيئات، فإذا أبصر رجع. ثم قال تعالى: {وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون}(2)، أي: وإخوان الشياطين تمدهم الشياطين في الغي ثم لا يقصرون. قال ابن عباس: لا الإنس تقصر عن السيئات، ولا الشياطين تمسك عنهم. فإذا لم يبصر يبقى قلبه في عمى، والشيطان يمده في غيه وإن كان التصديق في قلبه لم يكذب، فذلك النور والإبصار، وتلك الخشية والخوف تخرج من قلبه. وهذا كما أن الإنسان يغمض عينيه فلا يرى، وإن لم يكن أعمى، فكذلك القلب، بما يغشاه من رين الذنوب، لا يبصر الحق وإن لم يكن أعمى كعمى الكافر. وجاء هذا المعنى مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال: «إذا زنا العبد نزع منه الإيمان، فإن تاب أعيد إليه» ..". حفظ