قراءة الطالب لشرح الطحاوية : " ... وقالوا : إن الرسول قد وقفنا على معاني الإيمان، وعلمنا من مراده علما ضروريا أن من قال إنه صدق ولم يتكلم بلسانه بالإيمان، مع قدرته على ذلك، ولا صلى، ولا صام. ولا أحب الله ورسوله، ولا خاف الله، بل كان مبغضا للرسول، معاديا له يقاتله - أن هذا ليس بمؤمن. كما علمنا أنه رتب الفوز والفلاح على التكلم بالشهادتين مع الإخلاص والعمل بمقتضاهما. فقد قال صلى الله عليه وسلم: ( الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق) . وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: ( الحياء شعبة من الإيمان ) . وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: ( أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا ) . وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: ( البذاذة من الإيمان ) . فإذا كان الإيمان أصلا له شعب متعددة، وكل شعبة منها تسمى: إيمانا، فالصلاة من الإيمان، وكذلك الزكاة والصوم والحج والأعمال الباطنة، كالحياء والتوكل والخشية من الله والإنابة إليه، حتى تنتهي هذه الشعب إلى إماطة الأذى عن الطريق، فإنه من شعب الإيمان. وهذه الشعب، منها ما يزول الإيمان بزوالها إجماعا، كشعبة الشهادتين، ومنها ما لا يزول بزوالها إجماعا، كترك إماطة الأذى عن الطريق، وبينهما شعب متفاوتة تفاوتا عظيما، منها ما يقرب من شعبة الشهادة، ومنها ما يقرب من شعبة إماطة الأذى، وكما أن شعب الإيمان إيمان، فكذا شعب الكفر كفر، فالحكم بما أنزل الله - مثلا - من شعب الإيمان، والحكم بغير ما أنزل الله كفر. وقد قال صلى الله عليه وسلم: ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان ) . رواه مسلم. وفي لفظ: ( ليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل ) وروى الترمذي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( من أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله -: فقد استكمل الإيمان ) . ومعناه - والله أعلم - أن الحب والبغض أصل حركة القلب، وبذل المال ومنعه هو كمال ذلك، فإن المال آخر المتعلقات بالنفس، والبدن متوسط بين القلب والمال، فمن كان أول أمره وآخره كله لله، كان الله إلهه في كل شيء، فلم يكن فيه شيء من الشرك، وهو إرادة غير الله وقصده ورجاؤه، فيكون مستكمل للإيمان، إلى غير ذلك من الأحاديث الدالة على قوة الإيمان وضعفه بحسب العمل... " مع تعليق الشيخ. حفظ