قراءة الطالب لشرح الطحاوية : " ... المأخذ الثاني: أن الإيمان المطلق يتضمن فعل ما أمر الله به عبده كله، وترك ما نهاه عنه كله، فإذا قال الرجل: أنا مؤمن، بهذا الاعتبار -: فقد شهد لنفسه أنه من الأبرار المتقين، القائمين بجميع ما أمروا به، وترك كل ما نهوا عنه، فيكون من أولياء الله المقربين ! وهذا مع تزكية الإنسان لنفسه، ولو كانت هذه الشهادة صحيحة، لكان ينبغي أن يشهد لنفسه بالجنة إن مات على هذه الحال. وهذا مأخذ عامة السلف الذين كانوا يستثنون، وإن جوزوا ترك الاستثناء، بمعنى آخر، كما سنذكره إن شاء الله تعالى. ويحتجون أيضا بجواز الاستثناء فيما لا شك فيه، كما قال تعالى: (( لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين )) . وقال صلى الله عليه وسلم حين وقف على المقابر: ( وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ) . وقال أيضا: ( إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله ) . ونظائر هذا. وأما من يحرمه، فكل من جعل الإيمان شيئا واحدا، فيقول: أنا أعلم أني مؤمن، كما أعلم أني تكلمت بالشهادتين، فقولي: أنا مؤمن، كقولي: أنا مسلم، فمن استثنى في إيمانه فهو شاك فيه، وسموا الذين يستثنون في إيمانهم الشكاكة. وأجابوا عن الاستثناء الذي في قوله تعالى: (( لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين )) ، - بأنه يعود إلى الأمن والخوف، فأما الدخول فلا شك فيه ! وقيل: لتدخلن جميعكم أو بعضكم، لأنه علم أن بعضهم يموت !. وفي كلا الجوابين نظر: فإنهم وقعوا فيما فروا منه، فأما الأمن والخوف فقد أخبر أنهم يدخلون آمنين، مع علمه بذلك، فلا شك في الدخول، ولا في الأمن، ولا في دخول الجميع أو البعض ... " مع تعليق الشيخ. حفظ