التعليق على قوله في شرح الطحاوية :" ... ومن أدلة القائلين ببقائها وعدم فنائها: قوله: (( ولهم عذاب مقيم )) . (( لا يفتر عنهم وهم فيه مبلسون )) . (( فلن نزيدكم إلا عذابا )) . (( خالدين فيها أبدا )). (( وما هم منها بمخرجين )) . (( وما هم بخارجين من النار )) . (( ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط )) . {(لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها )) . (( إن عذابها كان غراما )) ، أي مقيما لازما. وقد دلت السنة المستفيضة أنه يخرج من النار من قال:"لا إله إلا الله"، وأحاديث الشفاعة صريحة في خروج عصاة الموحدين من النار، وأن هذا حكم مختص بهم، فلو خرج الكفار منها لكانوا بمنزلتهم، ولم يختص الخروج بأهل الإيمان. وبقاء الجنة والنار ليس لذاتهما، بل بإبقاء الله لهما................... فالموجودات نوعان: أحدهما مسخر بطبعه، والثاني متحرك بإرادته، فهدى الأول لما سخره له طبيعة، وهدى الثاني هداية إرادية تابعة لشعوره وعلمه بما ينفعه ويضره. ثم قسم هذا النوع . إلى ثلاثة أنواع: نوع لا يريد إلا الخير ولا يتأتى منه إرادة سواه، كالملائكة. ونوع لا يريد إلا الشر ولا يتأتى منه إرادة سواه، كالشيطان. ونوع يتأتى منه إرادة القسمين، كالإنسان. ثم جعله ثلاثة أصناف: صنف يغلب إيمانه ومعرفته وعقله هواه وشهوته، فيلتحق بالملائكة. وصنف عكسه، فيلتحق بالشياطين. وصنف تغلب شهوته البهيمية عقله، فيلتحق بالبهائم. والمقصود: أنه سبحانه أعطى الوجودين: العيني والعلمي، فكما أنه لا موجود إلا بإيجاده، فلا هداية إلا بتعليمه، وذلك كله من الأدلة على كمال قدرته، وثبوت وحدانيته، وتحقيق ربوبيته، سبحانه وتعالى ...". حفظ