قراء من شرح الشيخ خليل هراس على الواسطية : " ... ولا غرو ، فقد اشتملت هذه الآية العظيمة من أسماء الرب وصفاته على ما لم تشتمل عليه آية أخرى .
فقد أخبر الله فيها عن نفسه بأنه المتوحد في إلهيته ، الذي لا تنبغي العبادة بجميع أنواعها وسائر صورها إلا له .
ثم أردف قضية التوحيد بما يشهد لها من ذكر خصائصه وصفاته الكاملة ، فذكر أنه الحي الذي له كمال الحياة ؛ لأن حياته من لوازم ذاته ، فهي أزلية أبدية ، وكمال حياته يستلزم ثبوت جميع صفات الكمال الذاتية له ، من العزة والقدرة والعلم والحكمة والسمع والبصر والإرادة والمشيئة وغيرها ؛ إذ لا يتخلف شيء منها إلا لنقص في الحياة ، فالكمال في الحياة يتبعه الكمال في سائر الصفات اللازمة للحي .
ثم قرن ذلك باسمه القيوم ، ومعناه الذي قام بنفسه ، واستغنى عن جميع خلقه غنى مطلقا لا تشوبه شائبة حاجة أصلا ؛ لأنه غنى ذاتي ، وبه قامت الموجودات كلها ، فهي فقيرة إليه فقرا ذاتيا ، بحيث لا تستغني عنه لحظة ، فهو الذي ابتدأ إيجادها على هذا النحو من الإحكام والإتقان ، وهو الذي يدبر أمورها ، ويمدها بكل ما تحتاج إليه في بقائها ، وفي بلوغ الكمال الذي قدره لها .
فهذا الاسم متضمن لجميع صفات الكمال الفعلية ، كما أن اسمه الحي متضمن لجميع صفات الكمال الذاتية ، ولهذا ورد أن الحي القيوم هما اسم الله الأعظم الذي إذا سئل به أعطى ، وإذا دعي به أجاب ... " . حفظ