قراء من شرح الشيخ خليل هراس على الواسطية : " ... وقوله سبحانه : (( هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم )) .
قوله : (( هو الأول )) الجملة هنا جاءت معرفة الطرفين ؛ فهي تفيد اختصاصه سبحانه بهذه الأسماء الأربعة ومعانيها على ما يليق بجلاله وعظمته ، فلا يثبت لغيره من ذلك شيء .
وقد اضطربت عبارات المتكلمين في تفسير هذه الأسماء ، ولا داعي لهذه التفسيرات بعدما ورد تفسيرها عن المعصوم صلوات الله وسلامه عليه ، فقد روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ( أنه كان يقول إذا أوى إلى فراشه : اللهم رب السماوات السبع ، ورب الأرض ، رب كل شيء ، فالق الحب والنوى ، منزل التوراة والإنجيل والقرآن ؛ أعوذ بك من شر كل ذي شر أنت آخذ بناصيته ، أنت الأول فليس قبلك شيء ، وأنت الآخر فليس بعدك شيء ، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء ، وأنت الباطن فليس دونك شيء ، اقض عني الدين وأغنني من الفقر ) فهذا تفسير واضح جامع يدل على كمال عظمته سبحانه ، وأنه محيط بالأشياء من كل وجه . فالأول والآخر : بيان لإحاطته الزمانية . والظاهر والباطن : بيان لإحاطته المكانية . كما أن اسمه " الظاهر " يدل على أنه العالي فوق جميع خلقه ، فلا شيء منها فوقه .
فمدار هذه الأسماء الأربعة على الإحاطة ، فأحاطت أوليته وآخريته بالأوائل والأواخر ، وأحاطت ظاهريته وباطنيته بكل ظاهر وباطن .فاسمه الأول : دال على قدمه وأزليته . واسمه الآخر : دال على بقائه وأبديته . واسمه الظاهر : دال على علوه وعظمته . واسمه الباطن : دال على قربه ومعيته .ثم ختمت الآية بما يفيد إحاطة علمه بكل شيء من الأمور الماضية والحاضرة والمستقبلة ، ومن العالم العلوي والسفلي ، ومن الواجبات والجائزات والمستحيلات ، فلا يغيب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء .
فالآية كلها في شأن إحاطة الرب سبحانه بجميع خلقه من كل وجه ، وأن العوالم كلها في قبضة يده كخردلة في يد العبد ، لا يفوته منها شيء ... " . حفظ