قراء من شرح الشيخ خليل هراس على الواسطية : " ... قوله : (( ولولا إذ دخلت )) . . ) إلخ ، هذه الآيات دلت على إثبات صفتي الإرادة والمشيئة ، والنصوص في ذلك لا تحصى كثرة . والأشاعرة يثبتون إرادة واحدة قديمة تعلقت في الأزل بكل المرادات ، فيلزمهم تخلف المراد عن الإرادة . وأما المعتزلة ؛ فعلى مذهبهم في نفي الصفات لا يثبتون صفة الإرادة ، ويقولون : إنه يريد بإرادة حادثة لا في محل ، فيلزمهم قيام الصفة بنفسها ، وهو من أبطل الباطل . وأما أهل الحق ؛ فيقولون : إن الإرادة على نوعين : الأول: إرادة كونية ترادفها المشيئة ، وهما تتعلقان بكل ما يشاء الله فعله وإحداثه ، فهو سبحانه إذا أراد شيئا وشاءه كان عقب إرادته له ؛ كما قال تعالى : (( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون )) . وفي الحديث الصحيح : ( ما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن ) . الثاني: وإرادة شرعية تتعلق بما يأمر الله به عباده مما يحبه ويرضاه ، وهي المذكورة في مثل قوله تعالى : (( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر )) . ولا تلازم بين الإرادتين ؛ بل قد تتعلق كل منهما بما لا تتعلق به الأخرى ، فبينهما عموم وخصوص من وجه . فالإرادة الكونية أعم من جهة تعلقها بما لا يحبه الله ويرضاه من الكفر والمعاصي ، وأخص من جهة أنها لا تتعلق بمثل إيمان الكافر وطاعة الفاسق . والإرادة الشرعية أعم من جهة تعلقها بكل مأمور به واقعا كان أو غير واقع ، وأخص من جهة أن الواقع بالإرادة الكونية قد يكون غير مأمور به . والحاصل أن الإرادتين قد تجتمعان معا في مثل إيمان المؤمن ، وطاعة المطيع . وتنفرد الكونية في مثل كفر الكافر ، ومعصية العاصي . وتنفرد الشرعية في مثل إيمان الكافر ، وطاعة العاصي ... " . حفظ