قراء من شرح الشيخ خليل هراس على الواسطية : " .... وقوله : (( وهو شديد المحال )) . . إلخ ؛ تضمنت هذه الآيات إثبات صفتي المكر والكيد ، وهما من صفات الفعل الاختيارية .
ولكن لا ينبغي أن يشتق له من هاتين الصفتين اسم ، فيقال : ماكر ، وكائد ؛ بل يوقف عندما ورد به النص من أنه خير الماكرين ، وأنه يكيد لأعدائه الكافرين .
أما قوله سبحانه : (( وهو شديد المحال )) ؛ فمعناه : شديد الأخذ بالعقوبة ؛ كما في قوله تعالى : (( إن بطش ربك لشديد )) ، (( إن أخذه أليم شديد )) .
وقال ابن عباس : " معناه : شديد الحول " ، وقال مجاهد : " شديد القوة " ، والأقوال متقاربة .
وأما قوله : (( والله خير الماكرين )) ؛ فمعناه : أنفذهم وأسرعهم مكرا .
وقد فسر بعض السلف مكر الله بعباده بأنه استدراجهم بالنعم من حيث لا يعلمون ، فكلما أحدثوا ذنبا أحدث لهم نعمة ؛ وفي الحديث : ( إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا ما يحب وهو مقيم على معصيته ؛ فاعلم أنما ذلك منه استدراج ) وقد نزلت هذه الآية في شأن عيسى عليه السلام حين أراد اليهود قتله ، فدخل بيتا فيه كوة ، وقد أيده الله بجبريل عليه السلام ، فرفعه إلى السماء من الكوة ، فدخل عليه يهوذا ؛ ليدلهم عليه فيقتلوه ، فألقى الله شبه عيسى على ذلك الخائن ، فلما دخل البيت فلم يجد فيه عيسى ؛ خرج إليهم وهو يقول : ما في البيت أحد ، فقتلوه وهم يرون أنه عيسى ، فذلك قوله تعالى : (( ومكروا ومكر الله )) وأما قوله تعالى : (( ومكروا مكرا )) . . إلخ ؛ فهي في شأن الرهط التسعة من قوم صالح عليه السلام حين (( تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله )) أي : ليقتلنه بياتا هو وأهله ، (( ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله )) ، فكان عاقبة هذا المكر منهم أن مكر الله بهم فدمرهم وقومهم أجمعين .... " . حفظ