قراء من شرح الشيخ خليل هراس على الواسطية : " ... وأما قوله : (( قل إنما حرم )) . . إلخ ؛ فـ (( إنما )) أداة قصر تفيد اختصاص الأشياء المذكورة بالحرمة ، فيفهم أن من عداها من الطيبات فهو مباح لا حرج فيه ؛ كما أفادته الآية التي قبلها .
و (( الفواحش )) جمع فاحشة ؛ وهي الفعلة المتناهية في القبح ، وخصها بعضهم بما تضمن شهوة ولذة من المعاصي ؛ كالزنا ، واللواط ، ونحوهما من الفواحش الظاهرة ، وكالكبر والعجب وحب الرياسة من الفواحش الباطنة .
وأما (( والإثم )) ؛ فمنهم من فسره بمطلق المعصية ، فيكون المراد منه ما دون الفاحشة ، ومنهم من خصه بالخمر ؛ فإنها جماع الإثم .
وأما البغي بغير الحق ؛ فهو التسلط والاعتداء على الناس من غير أن يكون ذلك على جهة القصاص والمماثلة .
وقوله : (( وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا )) ، وحرم أن تعبدوا مع الله غيره ، وتتقربوا إليه بأي نوع من أنواع العبادات والقربات ؛ كالدعاء ، والنذر ، والذبح ، والخوف ، والرجاء ، ونحو ذلك مما يجب أن يخلص فيه العبد قلبه ويسلم وجهه لله ، وحرم أن تتخذوا من دونه سبحانه أولياء يشرعون لهم من الدين ما لم يأذن به الله في عباداتهم ومعاملاتهم ؛ كما فعل أهل الكتاب مع الأحبار والرهبان ؛ حيث اتخذوهم أربابا من دون الله في التشريع ، فأحلوا ما حرم الله ، وحرموا ما أحل الله ، فاتبعوهم في ذلك .
وقوله : (( ما لم ينزل به سلطانا )) قيد لبيان الواقع ؛ فإن كل ما عبد أو اتبع أو أطيع من دون الله قد فعل به ذلك من غير سلطان وأما القول على الله بلا علم ؛ فهو باب واسع جدا يدخل فيه كل خبر عن الله بلا دليل ولا حجة ؛ كنفي ما أثبته ، أو إثبات ما نفاه ، أو الإلحاد في آياته بالتحريف والتأويل .
قال العلامة ابن القيم في كتابه " إعلام الموقعين " : " وقد حرم الله القول عليه بغير علم في الفتيا والقضاء وجعله من أعظم المحرمات ؛ بل جعله في المرتبة العليا منها ؛ قال تعالى : (( قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن )) . . الآية ، فرتب المحرمات أربع مراتب ، وبدأ بأسهلها ، وهو الفواحش ، وثنى بما هو أشد تحريما منه ، وهو الإثم والظلم ، ثم ثلث بما هو أعظم تحريما منهما ، وهو الشرك به سبحانه ، ثم ربع بما هو أعظم تحريما من ذلك كله ، وهو القول عليه بلا علم ، وهذا يعم القول عليه سبحانه بلا علم في أسمائه وصفاته وأفعاله وفي دينه وشرعه ". ... " . حفظ