قراء من شرح الشيخ خليل هراس على الواسطية : " ... تضمنت هذه الآيات إثبات صفة الكلام لله عز وجل . وقد تنازع الناس حول هذه المسألة نزاعا كبيرا : فمنهم من جعل كلامه سبحانه مخلوقا منفصلا منه ، وقال : إن معنى " متكلم " : خالق للكلام ، وهم المعتزلة ، ومنهم من جعله لازما لذاته أزلا وأبدا ، لا يتعلق بمشيئته وقدرته ، ونفى عنه الحرف والصوت ، وقال : إنه معنى واحد في الأزل ، وهم الكلابية والأشعرية ، ومنهم من زعم أنه حروف وأصوات قديمة لازمة للذات ، وقال : إنها مقترنة في الأزل ، فهو سبحانه لا يتكلم بها شيئا بعد شيء ، وهم بعض الغلاة ، ومنهم من جعله حادثا قائما بذاته تعالى ، ومتعلقا بمشيئته وقدرته ، ولكن زعم أن له ابتداء في ذاته ، وأن الله لم يكن متكلما في الأزل ، وهم الكرامية ، ويطول بنا القول لو اشتغلنا بمناقشة هذه الأقوال وإفسادها ، على أن فسادها بين لكل ذي فهم سليم ، ونظر مستقيم . وخلاصة مذهب أهل السنة والجماعة في هذه المسألة أن الله تعالى لم يزل متكلما إذا شاء ، وأن الكلام صفة له قائمة بذاته ، يتكلم بها بمشيئته وقدرته ، فهو لم يزل ولا يزال متكلما إذا شاء ، وما تكلم الله به فهو قائم به ليس مخلوقا منفصلا عنه ؛ كما تقول المعتزلة ، ولا لازما لذاته لزوم الحياة لها ؛ كما تقول الأشاعرة ؛ بل هو تابع لمشيئته وقدرته ... " . حفظ