قراء من شرح الشيخ خليل هراس على الواسطية : " ...قوله : (( وجوه يومئذ ناضرة )) ... إلخ ؛ هذه الآيات تثبت رؤية المؤمنين لله عز وجل يوم القيامة في الجنة . وقد نفاها المعتزلة ؛ بناء على نفيهم الجهة عن الله ؛ لأن المرئي يجب أن يكون في جهة من الرائي ، وما دامت الجهة مستحيلة ، وهي شرط في الرؤية ؛ فالرؤية كذلك مستحيلة . واحتجوا من النقل بقوله تعالى : (( لا تدركه الأبصار )) ، وقوله لموسى عليه السلام حين سأله الرؤية : (( لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني )) . وأما الأشاعرة ؛ فهم مع نفيهم الجهة كالمعتزلة يثبتون الرؤية ، ولذلك حاروا في تفسير تلك الرؤية ، فمنهم من قال : يرونه من جميع الجهات ، ومنهم من جعلها رؤية بالبصيرة لا بالبصر ، وقال : المقصود زيادة الانكشاف والتجلي حتى كأنها رؤية عين . وهذه الآيات التي أوردها المؤلف حجة على المعتزلة في نفيهم الرؤية ؛ فإن الآية الأولى عدي النظر فيها بـ (( إلى )) ، فيكون بمعنى الإبصار ؛ يقال : نظرت إليه وأبصرته بمعنى ، ومتعلق النظر هو الرب جل شأنه . وأما ما يتكلفه المعتزلة من جعلهم (( ناظرة )) بمعنى منتظرة ، و (( إلى )) بمعنى النعمة ، والتقدير : ثواب ربها منتظرة ؛ فهو تأويل مضحك . وأما الآية الثانية ؛ فتفيد أن أهل الجنة ، وهم على أرائكهم يعني أسرتهم ، جمع أريكة ينظرون إلى ربهم . وأما الآيتان الأخيرتان ؛ فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم تفسير الزيادة بالنظر إلى وجه الله عز وجل . ويشهد لذلك أيضا قوله تعالى في حق الكفار : (( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون )) ، فدل حجب هؤلاء على أن أولياءه يرونه . وأحاديث الرؤية متواترة في هذا المعنى عند أهل العلم بالحديث ، لا ينكرها إلا ملحد زنديق . حفظ