قراء من شرح الشيخ خليل هراس على الواسطية : " ... قوله : ( فمن ذلك مثل قوله صلى الله عليه وسلم . . ) إلخ ؛ الكلام على هذا الحديث من جهتين : الأولى : صحته من جهة النقل ؛ وقد ذكر المؤلف رحمه الله أنه متفق عليه . ويقول الذهبي في كتابه " العلو للعلي الغفار " : " إن أحاديث النزول متواترة ، تفيد القطع " . وعلى هذا ؛ فلا مجال لإنكار أو جحود . الثانية : ما يفيده هذا الحديث ؛ وهو إخباره صلى الله عليه وسلم بنزول الرب تبارك وتعالى كل ليلة . . إلخ . ومعنى هذا أن النزول صفة لله عز وجل على ما يليق بجلاله وعظمته ، فهو لا يماثل نزول الخلق ؛ كما أن استواءه لا يماثل استواء الخلق . يقول شيخ الإسلام رحمه الله في تفسيره سورة الإخلاص : " فالرب سبحانه إذا وصفه رسوله بأنه ينزل إلى سماء الدنيا كل ليلة ، وأنه يدنو عشية عرفة إلى الحجاج ، وأنه كلم موسى بالوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة ، وأنه استوى إلى السماء وهي دخان ، فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها ؛ لم يلزم من ذلك أن تكون هذه الأفعال من جنس ما نشاهده من نزول هذه الأعيان المشهودة حتى يقال : ذلك يستلزم تفريغ مكان وشغل آخر " . فأهل السنة والجماعة يؤمنون بالنزول صفة حقيقية لله عز وجل ، على الكيفية التي يشاء ، فيثبتون النزول كما يثبتون جميع الصفات التي ثبتت في الكتاب والسنة ، ويقفون عند ذلك ، فلا يكيفون ولا يمثلون ولا ينفون ولا يعطلون ، ويقولون : إن الرسول أخبرنا أنه ينزل ، ولكنه لم يخبرنا كيف ينزل ، وقد علمنا أنه فعال لما يريد ، وأنه على كل شيء قدير . ولهذا ترى خواص المؤمنين يتعرضون في هذا الوقت الجليل لألطاف ربهم ومواهبه ، فيقومون لعبوديته ؛ خاضعين خاشعين ، داعين متضرعين ، يرجون منه حصول مطالبهم التي وعدهم بها على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ... " . حفظ