تعليق الشيخ على قراءة الطالب للصفات الإلهية : " ... حكم من نفى صفة من الصفات الثابتة بالكتاب والسنة : أما حكم من نفى صفة من الصفات الثابتة بالكتاب والسنة فهو حكم يحتاج إلى نوع من التأني والتريث ثم التفصيل، لأنه من الخطورة بمكان إصدار حكم مجمل غير مفصل في مثل هذه القضية، التي هي قضية كفر أو إيمان ولا واسطة بينهما. فأقول مستعيناً بالله تعالى : إن من نفى صفة ثابتة بالكتاب والسنة لا يخلو حاله من أحد أمرين:
أ- أن يكون النافي عالماً بالنص الذي ثبتت به الصفة المنفية كتاباً كان أو سنة، ولا توجد لديه شبهات قد تغير مفهومه في النص كأن يفهم أو يظن - متأثراً بالشبهة - أن النص الذي ثبتت به الصفة لم يكن باقياً على ظاهره مثلاً أو غير ذلك من الشبهات الكثيرة التي قد تضلل الإنسان الساذج أو قليل الاطلاع. والتي من أخطرها تأثره بآراء أهل الكلام المذموم التي تفسد القلوب وتغير المفاهيم في الغالب ولو نفى - وحاله ما وصفنا من العلم وعدم وجود الشبهات - معانداً وجاحداً لخراب قلبه ومرضه، فهو كافر في هذه الحالة كفراً ينقله من الملة الإسلامية لتكذيبه كلام الله أو كلام رسوله عليه الصلاة والسلام، وهو غير معذور لما علمت، وحقيقة الكفر هي ذلك الخراب الذي سبب له العناد والجحود.
ب- أن ينفي في غير هذه الحالة المذكورة آنفاً، كجهله للنص أو عدم علمه المفهوم الصحيح على ما تقدم تفصيله، فأرجو أن يكون معذوراً في هذه الحالة. والخلاف مشهور بين أهل العلم في: هل يعذر الإنسان بجهله في أصول الدين أم لا؟ ولشيخ الإسلام ابن تيمية موافق كثيرة تدل على أنه يرى أن المرء يعذر بالجهل مطلقاً دون تفريق بين الأصول والفروع.
1- الموقف الأول: هو ما يدل عليه النص التالي من كلامه رحمه الله، يقول شيخ الإسلام في كتابه موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول، وهو يناقش بعض علماء أهل الكلام في بعض مسائل الصفات : " ... لكن من لم يكن عارفاً بآثار السلف وحقائق أقوالهم، وحقيقة ما جاء به الكتاب والسنة وحقيقة المعقول الصحيح الذي لا يتصور أن يناقض ذلك، لا يمكنه أن يقول إلا بمبلغ علمه : (( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها )) ولا ريب أن الخطأ في دقيق العلم مغفور للأمة، وإن كان ذلك في المسائل العلمية، ولولا ذلك يهلك أكثر فضلاء الأمة، وإذا كان الله تعالى يغفر لمن جهل وجوب الصلاة وتحريم الخمر لكونه نشأ بأرض جهل مع كونه لم يطلب العلم، فالفاضل المجتهد في طلب العلم بحسب ما أدركه في زمانه ومكانه إذا كان مقصوده متابعة الرسول عليه الصلاة والسلام بحسب إمكانه فهو أحق بأن يتقبل الله حسناته ويثيبه على اجتهاده، ولا يؤاخذه بما أخطأه تحقيقاً لقوله تعالى : (( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا )) ... " . حفظ