تعليق الشيخ على قول المصنف رحمه الله : "... فإن قال قائل : هل تكفرون أهل التأويل أو تفسقونهم ؟ قلنا : الحكم بالتكفير والتفسيق ليس إلينا بل هو إلى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم فهو من الأحكام الشرعية التي مردها إلى الكتاب والسنة فيجب التثبت فيه غاية التثبت فلا يكفر ولا يفسق إلا من دل الكتاب والسنة على كفره أو فسقه . والأصل في المسلم الظاهر العدالة بقاء إسلامه وبقاء عدالته حتى يتحقق زوال ذلك عنه بمقتضى الدليل الشرعي ولا يجوز التساهل في تكفيره أو تفسيقه لأن في ذلك محذورين عظيمين : أحدهما : افتراء الكذب على الله تعالى في الحكم وعلى المحكوم عليه في الوصف الذي نبزه به . الثاني : الوقوع فيما نبز به أخاه إن كان سالماً منه ففي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا كفر الرجل أخاه فقد باء بها أحدهما ) وفي رواية : ( إن كان كما قال وإلا رجعت عليه ) وفيه عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( ومن دعا رجلاً بالكفر أو قال عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه ) . وعلى هذا فيجب قبل الحكم على المسلم بكفر أو فسق أن ينظر في أمرين , أحدهما : دلالة الكتاب أو السنة على أن هذا القول أو الفعل موجب للكفر أو الفسق . الثاني : انطباق هذا الحكم على القائل المعين أو الفاعل المعين بحيث تتم شروط التكفير أو التفسيق في حقه وتنتفي الموانع . ومن أهم الشروط : أن يكون عالماً بمخالفته التي أوجبت أن يكون كافراً أو فاسقاً لقوله تعالى : (( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا )) وقوله تعالى : (( وما كان الله ليضل قوماً بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون إن الله بكل شيء عليم إن الله له ملك السموات والأرض يحيي ويميت وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير )) ولهذا قال أهل العلم : " لا يكفر جاحد الفرائض إذا كان حديث عهد بإسلام حتى يبين له ". ... " . حفظ