شرح قول المصنف : " ... ومما يشبه هذا القول؛ أن يجعل اللفظ نظيرًا لما ليس مثله، كما قيل في قوله: (( ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي )) فقيل هو مثل قوله: (( أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما )) . فهذا ليس مثل هذا، لأنه هنا أضاف الفعل إلى الأيدي، فصار شبيهًا بقوله: (( فبما كسبت أيديكم )) . وهناك أضاف الفعل إليه فقال: (( لما خلقت )) ثم قال: (( بيدي)) وأيضا: فإنه هناك ذكر نفسه المقدسة بصيغة المفرد وفي اليدين ذكر لفظ التثنية، كما في قوله: (( بل يداه مبسوطتان )) وهناك أضاف الأيدي إلى صيغة الجمع، فصار كقوله: (( تجري بأعيننا )) . وهذا في الجمع نظير قوله: (( بيده الملك )) و (( بيدك الخير )) في المفرد, فالله سبحانه وتعالى يذكر نفسه تارة بصيغة المفرد مظهرًا أو مضمرًا، وتارة بصيغة الجمع، كقوله: (( إنا فتحنا لك فتحا مبينا )) وأمثال ذلك. ولا يذكر نفسه بصيغة التثنية قط، لأن صيغة الجمع تقتضي التعظيم الذي يستحقه، وربما تدل على معاني أسمائه، وأما صيغة التثنية، فتدل على العدد المحصور، وهو مقدس عن ذلك، فلو قال: ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي . كان كقوله: (( مما عملت أيدينا)) وهو نظير قوله: (( بيده الملك ُ )) و(( بيدك الخير ))، ولو قال: خلقت بيدي. بصيغة الإفراد، لكان مفارقًا له، فكيف إذا قال: خلقت بيدي؟ بصيغة التثنية، هذا مع دلالة الأحاديث المستفيضة بل المتواترة وإجماع السلف على مثل ما دل عليه القرآن، كما هو مبسوط في موضعه, مثل قوله: ( المقسطون عند الله على منابر من نور، عن يمين الرحمن، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم، وأهليهم وما ولوا ). وأمثال ذلك ... ". وفيه فرق بين قوله (( لما خلقت بيدي )) وقوله (( مما عملت أيدينا )) . حفظ