شرح قول المصنف : " ... والنقص ضد الكمال، وذلك مثل أنه قد علم أنه حي والموت ضد ذلك، فهو منزه عنه، وكذلك النوم والسِّنَةُ ضد كمال الحياة، فإن النوم أخو الموت، وكذلك اللُّغُوب نقص في القدرة والقوة، والأكل والشرب ونحو ذلك من الأمور فيه افتقار إلى موجود غيره، كما أن الاستعانة بالغير والاعتضاد به ونحو, ذلك تتضمن الافتقار إليه والاحتياج إليه. وكل من يحتاج إلى من يحمله أو يعينه على قيام ذاته أو أفعاله فهو مفتقر إليه، ليس مستغنيًا بنفسه، فكيف من يأكل ويشرب، والآكل والشارب أجوف، والمصمت الصمد أكمل من الآكل والشارب. ولهذا كانت الملائكة صمدًا لا تأكل ولا تشرب. وقد تقدم أن كل كمال ثبت لمخلوق فالخالق أولى به، وكل نقص تنزه عنه مخلوق فالخالق أولى بتنزيهه عن ذلك، والسمع قد نفي ذلك في غير موضع، كقوله تعالى: (( الله الصمد )). والصمد الذي لا جوف له، ولا يأكل ولا يشرب، وهذه السورة هي نسب الرحمن، أو هي الأصل في هذا الباب. وقال في حق المسيح وأمه: ((ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام )) . فجعل ذلك دليلًا على نفي الألوهية، فدل ذلك على تنزيهه عن ذلك بطريق الأولى والأحرى ... ". وفيه ذكر أن السمع والعقل يثبتان لله صفات الكمال وينفيان عنه أن يكون له مثل أو كفؤ في مخلوقاته . حفظ