تفسير قول الله تعالى : (( وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا فبشره بعذاب أليم )) حفظ
(( وإذا تتلى عليه آياتنا )) أي القرآن (( وَلَّى مُسْتَكْبِراً )) مُتَكَبِّراً (( كأن لم يسمعْها كأنَّ في أذُنَيْه وقراً فبشره بعذاب أليم )) " (وإذا تُتْلى عليه) أي تُقْرأ (عليه آياتنا) مَن القارئ؟ أيّ إنسان الرسول صلى الله عليه وسلم أو الصحابة أو التابعون أو أيِّ إنسان، إذا قُرِئَت عليه آيات الله فإنَّه يُولِّي مستكبرا يُعرِض، وليس إعراضاً على وجه المُمَاثلة أو إعراضاً لشُغْل آخَر، ولكنَّه يُعرِض مستكبراً -والعياذ بالله- والاستكبار هنا استفعال من الكِبْر والسين والتاء فيه لِلمبالغة، نعم، وليست للطلب، لأن السين والتاء تارةً تكون لِلطلب كقولك: أستغفِرُ الله أي: أطلبُ مغفرتَه، وتارةً يكون لِلمبالغة مثل (استكبَر)، فهنا (وَلَّى مستكبرا) أي مبالغا في كِبْرِيَائِه -والعياذ بالله- وإعراضِه عن آياتِ الله (( كأن لم يسمعْها )) هذه تشبيه في موضعِ الحال يعني كَحَالِ الذي لم يسمَعْها، نعم، كحالِ الذي لم يسمعها في عدمِ الانتفاع بها، لكنَّه أخبث مِنه لكونِه ولَّى مستكبراً، الذي لم يسمعها قد يكون معذوراً لكن مَن سمِعها وولَّى مُستكبراً فهو كالذي لم يسمعْها باعتبار عدمِ الانتفاع، لكنَّه أشد باعتبار تَوَلِّيه مُستكبراً، ثم قال: (( كأن في أذنيه وقراً )) صمماً " (كأن في أُذُنَيْهِ وقراً) الوَقْر الصَمَم لأنَّ الصمم يَسُدُّ الأُذُن، فالمعنى أنَّه والعياذ بالله ما كأنَّه سَمِع الآيات بل كأنَّ أُذُنَه التي هي محل السَّمْع كأنَّها غير مُسْتَعِدَّة لِلسمع، فهو لم يسمع وليس عِندَه آلةُ سمْع (( كأنَّ في أذنيه )) أو أذنٌ واحدة؟ (أذنيه) (وقراً) الوقر الصمم قال المؤلف:" وجملة التشبيه حالان مِن ضمير (وَلَّى) أو الثانية بيانٌ فِي الأُولَى " إنَّما هُما في محل نصب على الحال، التشبيه هذا كلُّه في محل نصبٍ على الحال، حالٌ مِن فاعل (ولَّى) يعني وَلَّى مُستكبراً مُشابهاً لِمن لا يسمع ومُشابهاً لِمن في أذنيه وقرٌ، طيب وهذا في غاية ما يكون مِن بيان حال هذا الرجل في إعراضِه وعدمِ انتفاعِه بآياتِ الله إذا طبقنا هذه الآية على حال بعض الناس اليومَ وجدنا أنها تنطَبِق فإنَّنَا نسمع بعض الناس إذا جاءت الأغاني في الرَادْيُو أو التَلَفِزُون نعم، فَتَحَهَا فَتَحَ لها قلبَه وأُذُنَه، وإذا سَمِعَ القرآن