تفسير قول الله تعالى : (( خلق السماوات بغير عمد ترونها وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم )) حفظ
(( خَلَق السماوات بغير عمد ترونها )) أي العَمَد جمع عِمَادٍ وهو الاسطوانة وهو صادق بأنْ لا عمد أصلاً " (خلق السماوات بغير عمد ترونها) (خلق السماوات) (السماوات) جمع سماء ويُطلق السماءُ على كل ما عَلَا، ويُطلق على السماوات ذاتِ الأجرام المخصوصة، وأيُّها المُراد هنا؟
الطالب: ذات الأجرام المخصوصة.
الشيخ : المراد ذات الأجرام المخصوصة، خلقها الله عزَّ وجل بِغير عَمَد، والعَمَد جمع عِمَاد ويقول: كالاسطوانة. العمود المعروف، يعني ليس لها أعمدة تَحْمِلُها، وهل المعنى أنَّ لها عَمَداً لا تُرَى؟ أو أنّ المعنى أنَّه لا عَمَدَ لها؟
الطالب: لا عمد لها.
الشيخ : فيه اختلافا تقول: إنه لا عَمَد لها، وهو عليه جرى المؤلف قال: " وهو صادقٌ بأن لا عَمَد أصلاً " بمعنى أنَّه يصلُح أن تقول: هذا ليس له عَمَدٌ تُرَى، يعني فإذا انتَفى رؤيتُها انْتَفَتْ هِي، لأنَّه لو كانت لرأيناها كما نرَى السماء، فلمَّا لم نرَها فالمعنى أنَّه لا وُجودَ لها، وقال بعضهم: نعم هي ليس لها عَمَدٌ لكنَّ الضمير في قوله: (ترونها) لا يعود على العَمَدَ إنما يعود على السماء (( خلق السماوات بغير عمد ترونها )) أي: السماوات كذلك، (ترونها) أي: السماوات كذلك لا عَمَدَ لها، وقال بعض المفسرين: إنَّ معنى قوله: (بغير عمد ترونها) أن لها عمد لكن لا تُرَى. والصواب أنه لا عَمَدَ لها، وأن الله تعالى أمسكها بقُدْرَتِه كما قال تعالى: (( وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ ))[الحج:65]، وهذا أبلغ في القدرة، أن لا يكون لها عَمَد أبلغ في قدرة الله عز وجل، نعم.
الطالب: احتمال يكون لها عمد بس ما نراها يعني عمد غير محسوسة.
الشيخ : إي هذا نفسه، الآن المعنى الآية لها معنيان: بغير عمد ترونها أو لا عَمَدَ لها، بغير عمد ترونها أي: لها عَمَد لكن لا تُرَى، فهِمتم؟ والمعنى الأول هو الصحيح، ولكن المعنى الأول كيف تخريجُه؟ له تخريجان أحدهما أن يكون قوله: (ترونها)(ها) تعود على السماوات يعني أنَّكم ترونها كذلك لا عمد لها فهي لا عمد لها، والقول الثاني أنّ (ها) يعود على العمد أي: بغير عمد ترونَها وهو صادقٌ بأن ليس لها عمد أصلاً، كما تقول: ليس في هذا المكان عمودٌ أراه المعنى: ما فيه عمد المعنى: ليس فيه عمود، وهذا أعنى قوله: لا عمد لها. أصَحّ وأبلغ في قدرة الله وقد قال الله تعالى: (( ويُمسِك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه )).
قال: (( ترونها وألقى في الأرض رواسي )) جبالاً مُرتِفَعة " (ألقى) بمعنى وضع (في الأرض رَواسِيَ) جمع راسِيَة وهذه الرواسي هي الجبال ودليلُ ذلك قولُه تعالى: (( والجبالَ أرساها )) فهذه الرواسي هي الجبال فهي رواسيَ بنفسها، وهي أيضاً مُرسِيَة للأرض مُثَبِّتَة لها، وقوله: (( أن تميد بكم )) قال المؤلف: (أن) لا (تميد بكم) " فقدَّر (لا) النافية بعد (أن)، نعم، وهذا موجود فإنَّ (لا) النافية قد تُقَدَّر بعد (أن) مع حذفِها، وقد .. [أظنها (تُظهر)] بعد (أن) وهي زائدة مثل قوله تعالى: (( لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شيء مِن فضل الله )) فهنا (لا) زائدة بعد (أن)، والتقدير: لأن يعلم أهل الكتاب ألّا يقدرون، وقد تُحذَف وتكون مُقدَّرَةً كما في هذه الآية (( ألا تَمِيد بكم )) لأنّهُ مِن المعلوم أنَّ الله ما ألقى هذه الرواسي لِأجل أن تميدَ بهم، وإنما ألقاها
الطالب: لئلا تميد.
الشيخ : لئلا تميد فتكون (لا هنا) عَيَّنَها السياق، وقال بعض المُعْرِبين: أنه لا تقدر (لا) بل يُقدَّر اسمٌ مناسب أي: كراهةَ أن تميدَ بكم، نعم، وقالوا: إنَّ هذا أولى، لئلا نُفسِّرَ الإثباتَ بالنفيِ لأننا إذا قلنا: التقدير: أن لا تميد بكم. فسَّرنا الإثبات بالنفي فإذا قلنا: كراهةَ أن تميد بكم فإننا نفسر الإثبات بإثباتٍ لكن على تقدير المضاف، وهذا له نظير مِثْل قوله تعالى: (( يُبَيِّن الله لكم أن تضلوا )) هل البيان سببٌ للضلال أو لِعدمه؟
الطالب: لِعدمِه.
الشيخ : إذاً المعنى: يُبَيِّن الله لكم كراهةَ أن تضلوا. على قول، أو: أنْ لا تضلوا. على قول آخر، نعم، وقوله: (( أن تميد بكم )) (تميد) يقول: " تتحرك " بِكُمْ )) فَسَّر المؤلف رحمه الله الْمَيَدَان بِالحركة، والصواب أنّ الميدان حركة خاصة وهو الاضطراب، وليس مُجرد الحركة فاللهُ ألقى في الأرض رواسي حتى لا تميد أي لا تضطرب، وذلك لأنَّ الأرض موضوعة على الماء فإنَّ جميع جوانب الأرض من كل ناحية ماء، والجسم إذا وُضِع في الماء يتحرك ويضطرب ولَّا لا؟ يتحرك ويضطرب لا شك، فإذا كان كذلك فلا بُد مِن شيء يحفظُ توازنه، وذلك الشيء هو الجبال، فجعل الله عز وجل الجبال فيها على الأرض حتى لا تضطرب بالناس، وقوله: (أن تميد بكم) يعني أن تضطرب، وعند علماء البروج يعني مِن هذه الحكم والعِلل شيءٌ كثير لأنه في بعض الأماكن تكثرُ الجبال العظيمة الطويلةُ الكبيرة، وفي بعض الأماكن تَقِلّ وهذا يرجع إلى الحكمة التي خلقها الله عز وجل وقد تَخْفَى علينا لكنها عند العلماء معروفة.
الطالب:....
الشيخ : هذا يأتي إن شاء الله في الفوائد.
الطالب: ذات الأجرام المخصوصة.
الشيخ : المراد ذات الأجرام المخصوصة، خلقها الله عزَّ وجل بِغير عَمَد، والعَمَد جمع عِمَاد ويقول: كالاسطوانة. العمود المعروف، يعني ليس لها أعمدة تَحْمِلُها، وهل المعنى أنَّ لها عَمَداً لا تُرَى؟ أو أنّ المعنى أنَّه لا عَمَدَ لها؟
الطالب: لا عمد لها.
الشيخ : فيه اختلافا تقول: إنه لا عَمَد لها، وهو عليه جرى المؤلف قال: " وهو صادقٌ بأن لا عَمَد أصلاً " بمعنى أنَّه يصلُح أن تقول: هذا ليس له عَمَدٌ تُرَى، يعني فإذا انتَفى رؤيتُها انْتَفَتْ هِي، لأنَّه لو كانت لرأيناها كما نرَى السماء، فلمَّا لم نرَها فالمعنى أنَّه لا وُجودَ لها، وقال بعضهم: نعم هي ليس لها عَمَدٌ لكنَّ الضمير في قوله: (ترونها) لا يعود على العَمَدَ إنما يعود على السماء (( خلق السماوات بغير عمد ترونها )) أي: السماوات كذلك، (ترونها) أي: السماوات كذلك لا عَمَدَ لها، وقال بعض المفسرين: إنَّ معنى قوله: (بغير عمد ترونها) أن لها عمد لكن لا تُرَى. والصواب أنه لا عَمَدَ لها، وأن الله تعالى أمسكها بقُدْرَتِه كما قال تعالى: (( وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ ))[الحج:65]، وهذا أبلغ في القدرة، أن لا يكون لها عَمَد أبلغ في قدرة الله عز وجل، نعم.
الطالب: احتمال يكون لها عمد بس ما نراها يعني عمد غير محسوسة.
الشيخ : إي هذا نفسه، الآن المعنى الآية لها معنيان: بغير عمد ترونها أو لا عَمَدَ لها، بغير عمد ترونها أي: لها عَمَد لكن لا تُرَى، فهِمتم؟ والمعنى الأول هو الصحيح، ولكن المعنى الأول كيف تخريجُه؟ له تخريجان أحدهما أن يكون قوله: (ترونها)(ها) تعود على السماوات يعني أنَّكم ترونها كذلك لا عمد لها فهي لا عمد لها، والقول الثاني أنّ (ها) يعود على العمد أي: بغير عمد ترونَها وهو صادقٌ بأن ليس لها عمد أصلاً، كما تقول: ليس في هذا المكان عمودٌ أراه المعنى: ما فيه عمد المعنى: ليس فيه عمود، وهذا أعنى قوله: لا عمد لها. أصَحّ وأبلغ في قدرة الله وقد قال الله تعالى: (( ويُمسِك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه )).
قال: (( ترونها وألقى في الأرض رواسي )) جبالاً مُرتِفَعة " (ألقى) بمعنى وضع (في الأرض رَواسِيَ) جمع راسِيَة وهذه الرواسي هي الجبال ودليلُ ذلك قولُه تعالى: (( والجبالَ أرساها )) فهذه الرواسي هي الجبال فهي رواسيَ بنفسها، وهي أيضاً مُرسِيَة للأرض مُثَبِّتَة لها، وقوله: (( أن تميد بكم )) قال المؤلف: (أن) لا (تميد بكم) " فقدَّر (لا) النافية بعد (أن)، نعم، وهذا موجود فإنَّ (لا) النافية قد تُقَدَّر بعد (أن) مع حذفِها، وقد .. [أظنها (تُظهر)] بعد (أن) وهي زائدة مثل قوله تعالى: (( لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شيء مِن فضل الله )) فهنا (لا) زائدة بعد (أن)، والتقدير: لأن يعلم أهل الكتاب ألّا يقدرون، وقد تُحذَف وتكون مُقدَّرَةً كما في هذه الآية (( ألا تَمِيد بكم )) لأنّهُ مِن المعلوم أنَّ الله ما ألقى هذه الرواسي لِأجل أن تميدَ بهم، وإنما ألقاها
الطالب: لئلا تميد.
الشيخ : لئلا تميد فتكون (لا هنا) عَيَّنَها السياق، وقال بعض المُعْرِبين: أنه لا تقدر (لا) بل يُقدَّر اسمٌ مناسب أي: كراهةَ أن تميدَ بكم، نعم، وقالوا: إنَّ هذا أولى، لئلا نُفسِّرَ الإثباتَ بالنفيِ لأننا إذا قلنا: التقدير: أن لا تميد بكم. فسَّرنا الإثبات بالنفي فإذا قلنا: كراهةَ أن تميد بكم فإننا نفسر الإثبات بإثباتٍ لكن على تقدير المضاف، وهذا له نظير مِثْل قوله تعالى: (( يُبَيِّن الله لكم أن تضلوا )) هل البيان سببٌ للضلال أو لِعدمه؟
الطالب: لِعدمِه.
الشيخ : إذاً المعنى: يُبَيِّن الله لكم كراهةَ أن تضلوا. على قول، أو: أنْ لا تضلوا. على قول آخر، نعم، وقوله: (( أن تميد بكم )) (تميد) يقول: " تتحرك " بِكُمْ )) فَسَّر المؤلف رحمه الله الْمَيَدَان بِالحركة، والصواب أنّ الميدان حركة خاصة وهو الاضطراب، وليس مُجرد الحركة فاللهُ ألقى في الأرض رواسي حتى لا تميد أي لا تضطرب، وذلك لأنَّ الأرض موضوعة على الماء فإنَّ جميع جوانب الأرض من كل ناحية ماء، والجسم إذا وُضِع في الماء يتحرك ويضطرب ولَّا لا؟ يتحرك ويضطرب لا شك، فإذا كان كذلك فلا بُد مِن شيء يحفظُ توازنه، وذلك الشيء هو الجبال، فجعل الله عز وجل الجبال فيها على الأرض حتى لا تضطرب بالناس، وقوله: (أن تميد بكم) يعني أن تضطرب، وعند علماء البروج يعني مِن هذه الحكم والعِلل شيءٌ كثير لأنه في بعض الأماكن تكثرُ الجبال العظيمة الطويلةُ الكبيرة، وفي بعض الأماكن تَقِلّ وهذا يرجع إلى الحكمة التي خلقها الله عز وجل وقد تَخْفَى علينا لكنها عند العلماء معروفة.
الطالب:....
الشيخ : هذا يأتي إن شاء الله في الفوائد.