تفسير قول الله تعالى : (( ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن الله غني حميد )) حفظ
ثم قال تعالى: (( ولقد آتينا لُقمانَ الحكمة )) منها العِلْم والدِّيانة والإِصابة في القول وحِكَمُهُ كثيرةٌ مَأثُورة " (ولقد) الجملة هذه مُؤكَّدة بثلاث مُؤكِّدات هي؟
الطالب: اللام وقد والقسم.
الشيخ : نعم اللام وقد والقسم، وقوله: (آتينا) أي أعطينا، وهذا الإعطاء إعطاءٌ كَوْنِيّ آتاه الله تعالى الشيء إيتاءً كَونِيًّا، وقوله: (لُقمَان) هو اسم رجل وأكثرُ أهلِ العلم على أنه رجلٌ أعطاه الله تعالى حكمةً ودرايةً في الأمور وليس نبيًّا، قال ابن كثير: إنه أكثر الناس على أنَّه ليس بِنَبي، ويُروى عن عكرمة -إن صح عنه- هكذا قال: إنه نبي. ولكن الصحيح أنَّه ليس بِنبيّ وإنما هو رجل حكيم ذُو أمرٍ رشيد أعطاهُ اللهُ تعالى هذه الحكمة كما قال تعالى: (( يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا )).
الطالب: شيخ .. بعضهم لقمان الحكيم هو هذا ولَّا غَيْره.
الشيخ : لا هذا هو.
الطالب: كيف ... إخبار عن الرسول ولّا إسرائيليَّات؟ قال لقمان الحكيم قال لقمان الحكيم يعني ...
الشيخ : هذا مما يُؤْثر عنه ... صحيح ولَّا لا؟ نعم، قال: (( ولقد آتينا لقمان الحكمة )) ما هي الحكمة؟ الحِكْمة في الأصل هي مُوافَقَةُ الصواب، وبمعنى هذا قولُه: إنَّها وَضْعُ الأشياء في مَواضِعِها فصَاحِبُ الرأيِ الرشِيد والتَصَرُّفِ السَّدِيد هذا يُعْتَبَرُ حَكِيماً، لأنَّه يضع الأشياء في مواضعها كذا يا حامد! وش اللي ذكرنا في الحكمة؟ تفسيرها؟
الطالب: .. الأشياء في مواضِعها
الشيخ : هذا واحد والثاني؟
الطالب: .. الحكيم الذي
الشيخ : لا لا، نريد الحكمة فقط ما نريد الحكيم الحِكمة نعم، قيل: أنَّها وضع الأشياء في مواضِعِها هذا واحد، وقيل
الطالب: عدم ...
الشيخ : ما ذهبت يميناً أو شمالاً؟ قيل: أنها موافقة الصواب وهما بمعنىً واحد، لأن مُوافقَة الصواب هو وضع الشيء في مواضعه، طيب يقول:
الطالب: تعتبر ...
الشيخ : لا، هذا معناها " مِنها العِلْم والدِّيانة " العلم حِكمة ولّا لا؟ أو تُنَال به الحكمة؟ تُنال به الحكمة، والثاني " الدِّيانة " نعم حكمة والثالث: " الإصابة في القول " وهذا أيضاً حِكْمة وكذلك الإصابة في الفعل حكمة، قال: " وحِكمه كثيرة مأثورة كان يُفتي قبلَ بِعْثة داود وأدرك بعثتَه وأخذَ عنه العلم وترك الفُتْيا وقال في ذلك: ألا أكتفي إذا كُفِيت. وقيلَ له: أيُّ الناس شَرّ قال: الذي لا يبالي إن رآه الناس مُسِيئاً " قال: كُفِيت. هذه مِن الحكمة أنَّ الإنسان إذا كُفِي يكتفى، لأنه إذا كُفِي ثم عَمِل بما كُفِي فيه لم يكن مِنه إلا إضاعة الوقت والتعب، وأما أيُّ الناس شر فقال: الذي لا يُبالي إن رآه الناس مُسيئاً. هذا قد يُنازَع فيه، لأن هذا الذي لا يُبالي إن رآه الناس مُسِيئاً يُعتبر فاقدَ الحياءِ فقط ولا يُعتبر شرَّ الناس، شرُّ الناس في الواقع هو الذي يُشرك بالله عز وجل هذا شرّ الناس، لأنَّ هذا أظلَم الناس فيكونُ شرَّ الناس، ثم إن هذه المقولة سَاقَها المؤلف أو هذين الجملتين قد تكون صحيحة إلى لُقمان وقد تكون غير صحيحة، يعني ما يلزم، لأنه ما هناك سند صَحيح إلى لقمان مُتَّصِل ولم يُخْبِر النبي عليه الصلاة والسلام بذلك عنه، ومِثْل جميع الأخبار السابقة إذا لم تكن عن طريق الرسول عليه الصلاة والسلام فإنَّه يُنْظَر فيها، لأنها تأتينا بِغير إسناد تُؤْخذ عَن أهلِ الكتاب وأهلُ الكتاب غَيرُ مَأْمُونِين.
الطالب: طيب ما يُؤخَذ مِنها حِكمة يا شيخ؟
الشيخ : وقال .. نعم في كل شيء يُفتى به المَرْء ما له داعي يتعلق مِنه، والله ما أعرف ابن كثير ما ذَكَر هذا الأثر نعم.
الطالب: يا شيخ ...
الشيخ : يمكن أن .... لأن النصارى عندهم كتاب وأثارةٌ مِن علم وإلَّا غيرهم قد لا تنقل عنه شيء، ولكن كل الأحاديث عمَّن سبق لا تخلو مِن ثلاث أحوال كما هو معروف إمَّا أن توافق الشرع أو تخالفه أو لا يكون فيها موافقة ولَّا مُخالفة فما وافق الشَّرْع فهو مقبول وما خالفَه فهو مردود وما لم تكن فيه موافقة ولا مخالفة فإنه لا يُصَدَّق ولا يُكَذَّب، نعم، يقول: " (( أن )) أي: وقُلنا له أن (( اشكر لله )) على ما أعطاك مِن الحكمة " قوله: (( آتينا لقمان الحكمة )) ثم قال: أن اشكر لله " لو أنَّ أحداً قال إنَّ قوله: (أن اشكر لله) تفسير للحكمة بأنْ (أنْ) هُنا تفسير الحكمة لم يَكن بعيداً، أمَّا المُؤَلِّف فيرى أنها مَفْعُولٌ لِقولٍ محذوف تقديره: وقلنا له أنِ اشكر لله يعني على ما آتاك مِن الحكمة، أمَّا على الاحتمال الأول الذي هو ظاهر القرآن ولا يحتاج إلى تقدير فالأمر ظاهر أنَّ شُكْرَ نعمةِ الله مِن الحِكمة بل هو رأسُ الحكمة، نعم، وقوله: (اشكر لله) اللام هنا لِلاختصاص والاستحقاق، لأنَّه لا يختَصُّ بالشكر المُطْلَق ولا يستحِقُّ الشكر المطلق إلَّا الله سبحانه وتعالى، والشُّكْر هو القيام بطاعة المُنْعم اعترافاً بالقلب وثناءً باللسان وطاعةً بالأبدان، فمُتَعَلَّقُه مُتَعَلَّق الشُّكر ثلاثة: اللسان والقلب والجوارح، وسببُه واحد وهو النِّعْمة، ولهذا كان بينه وبين الحَمْد عُمُوم وخصوص فمِن جِهَة السَّبَب الحَمْدُ أعَمّ، ومِن جِهَة المُتَعَلَّق الشُّكْرُ أعَمّ، نعم، كيف ذلك؟ الحَمْد سببُه أمران: كَمَالُ المَحْمُود وإنْعَام المحْمُود ولهذا تَحْمَدُ الله عز وجل على كمالِه وتَحْمَدُهُ على إنْعَامِه، ولكنَّ الحَمْدَ يختَصُّ بماذا؟ مِن حَيْث المتعلق يختصُّ باللسان فقط، أمَّا الشكر فإنَّه من حيث السبب أخصّ، لأنه لا يكون إلا في مُقابلَةِ نِعْمة لكن مِن حيث المُتَعَلَّق أعَمّ يَكُون بِالقلْب واللسان والجوارِح وعليه قولُ الشاعر:
أفَادتْكَم النَّعْمَاء مِنِّي ثلاثةً يَدِي ولساني والضَّمِير الـمُحَجَّبَا
وقوله: (( أن اشكر لله )) قلنا: أنَّ اللام هنا للاختصاص والاستحقاق فيَجِب على العبد أن يُخْلِص الشُّكرَ له، وأن يعتقد بقلبِه أنَّه لا يستحقُّ الشُّكْر المُطلق إلا الله.
قال: (( وَمَن يَّشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ )) لأنَّ ثواب شُكْرِه لَه (( وَمَن كَفَرَ )) بالنعمة (( فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ )) عن خَلْقِه (( حَمِيدٌ )) مَحْمُودٌ في صُنْعِه " (ومن يشكر) الجملةُ هذِه شَرْطِيَّة فِعْل الشرط فيها مجزوم بـ(مَن)، و(مَن يشكر) وجواب الشرط زُمْلة [كذا] قولِه (فإنما يشكر لنفسه)، و(إنّما) أداة حصر، و(يشكر) فعل مضارع ولكن هل يقال: إن (يشكر) هو الجواب أو الجملة؟ الجملة، نعم، وقوله: (فإنما يشكُرُ لنفسه) كيف قال: (أن اشكر لِله) ثُم قال: (إنما يشكر لنفسه)؟ قد تقولون: إن المُتَوَقَّع أن يقول: (ومن يشكر فإنما يشكر لله) ولكن نقول مثل ما قال المؤلف: إن معنى قوله: (فإنما يشكر لنفسه) أي: أنه يَعُودُ ثَوابُ الشُّكرِ إليه فهو لِمَصلحتِه، وليس الشكر يعود إلى الله عز وجل فينتفِعُ به، لأنَّه سُبْحانه وتعالى لا يَنْتَفِع بالطاعة ولا يَتَضَرَّرُ بالمعصية، وإنما يعود إليك أنت نفسك.
(( ومَن كَفَر )) وهو ضِدُّ الشُّكْر (( فإن الله غني حميد )) غَنِيٌّ عَنه إذا كفرَ نِعمَة الله، حَمِيد فَعِيل بمعنى مَفْعُول ويجوز أن يكون (حَمِيد) بمعنى فَاعِل (حَامِد)، فهو سُبْحَانه وتَعَالى مَحْمُودٌ وحَامِدٌ، لأنَّه سبحانه وتعالَى يَصِفُ مَن يستحِقُّ الصِّفاتِ الكَامِلَة بِمَا يَسْتَحِقُّه ولهذا أثنى على أنبيائِه وعلى أوليائِه، وهذا حمْدٌ له، وهو أيضا مَحمُود مِن عبادِه فهو فَعِيل بمعنى فَاعِل وبمعنى مَفعول، وجه ارتباط الجملة جملة الجواب الشرط (ومن كفر فإن الله غني حميد) وجه ارتباطها بالشرط ظاهر يعني مِن كفر فإنَّه لن يَضُرَّ الله ولن يَنْقُصَ مِن مُلكِه، لأنَّه غَنِيّ، وكذلك لن يكون في ذلك قُصُورٌ مِن حكمته، لأنه جل وعَلا حَمِيد، فإيجادُ الشاكرين مما يُحْمَدُ الله عليه، وإيجاد الكافرين مما يُحمَد الله عليه، ولولا هذا ما عُرِف قَدْرُ الشُّكْر ولا عُرِف أيضاً مَضَرَّةُ الكُفْر، لولا هذا لكان الناس على حَدٍّ سواء لا يتميز فيهِم الطيِّب مِن الخَبيث، (( ومن كفر فإن الله غني حميد )) الغَنِي مِن أسماء الله، والحَميد مِن أسمائِه أيضاً.
قال: (( ووصينا الإنسان بوالديه )) (( و )) اذكر (( إذ قال ))، آا؟
الطالب:....
الشيخ : نعم لأنه .. عام لكن لما كان في سياق الحكمة التي أوتيها لقمان على تفسير المؤلف جعلها خاصة بالنبي يقول: (( و )) اذكر (( إذ قال لقمان لابنِه )) "
الطالب: ..يقول: محمود في صنعه ..
الشيخ : إي نعم هذا قُصُور (حميد) يقول المؤلف أنها "مَحمود في صنعه" والصواب أنَّه محمُود في صُنْعِه وشَرْعِه وفي جميع صفاتِه فهو محمود على صفاتِه الكاملة وعلى أفعالِه وعلى شرْعِه، نعم
الطالب: اللام وقد والقسم.
الشيخ : نعم اللام وقد والقسم، وقوله: (آتينا) أي أعطينا، وهذا الإعطاء إعطاءٌ كَوْنِيّ آتاه الله تعالى الشيء إيتاءً كَونِيًّا، وقوله: (لُقمَان) هو اسم رجل وأكثرُ أهلِ العلم على أنه رجلٌ أعطاه الله تعالى حكمةً ودرايةً في الأمور وليس نبيًّا، قال ابن كثير: إنه أكثر الناس على أنَّه ليس بِنَبي، ويُروى عن عكرمة -إن صح عنه- هكذا قال: إنه نبي. ولكن الصحيح أنَّه ليس بِنبيّ وإنما هو رجل حكيم ذُو أمرٍ رشيد أعطاهُ اللهُ تعالى هذه الحكمة كما قال تعالى: (( يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا )).
الطالب: شيخ .. بعضهم لقمان الحكيم هو هذا ولَّا غَيْره.
الشيخ : لا هذا هو.
الطالب: كيف ... إخبار عن الرسول ولّا إسرائيليَّات؟ قال لقمان الحكيم قال لقمان الحكيم يعني ...
الشيخ : هذا مما يُؤْثر عنه ... صحيح ولَّا لا؟ نعم، قال: (( ولقد آتينا لقمان الحكمة )) ما هي الحكمة؟ الحِكْمة في الأصل هي مُوافَقَةُ الصواب، وبمعنى هذا قولُه: إنَّها وَضْعُ الأشياء في مَواضِعِها فصَاحِبُ الرأيِ الرشِيد والتَصَرُّفِ السَّدِيد هذا يُعْتَبَرُ حَكِيماً، لأنَّه يضع الأشياء في مواضعها كذا يا حامد! وش اللي ذكرنا في الحكمة؟ تفسيرها؟
الطالب: .. الأشياء في مواضِعها
الشيخ : هذا واحد والثاني؟
الطالب: .. الحكيم الذي
الشيخ : لا لا، نريد الحكمة فقط ما نريد الحكيم الحِكمة نعم، قيل: أنَّها وضع الأشياء في مواضِعِها هذا واحد، وقيل
الطالب: عدم ...
الشيخ : ما ذهبت يميناً أو شمالاً؟ قيل: أنها موافقة الصواب وهما بمعنىً واحد، لأن مُوافقَة الصواب هو وضع الشيء في مواضعه، طيب يقول:
الطالب: تعتبر ...
الشيخ : لا، هذا معناها " مِنها العِلْم والدِّيانة " العلم حِكمة ولّا لا؟ أو تُنَال به الحكمة؟ تُنال به الحكمة، والثاني " الدِّيانة " نعم حكمة والثالث: " الإصابة في القول " وهذا أيضاً حِكْمة وكذلك الإصابة في الفعل حكمة، قال: " وحِكمه كثيرة مأثورة كان يُفتي قبلَ بِعْثة داود وأدرك بعثتَه وأخذَ عنه العلم وترك الفُتْيا وقال في ذلك: ألا أكتفي إذا كُفِيت. وقيلَ له: أيُّ الناس شَرّ قال: الذي لا يبالي إن رآه الناس مُسِيئاً " قال: كُفِيت. هذه مِن الحكمة أنَّ الإنسان إذا كُفِي يكتفى، لأنه إذا كُفِي ثم عَمِل بما كُفِي فيه لم يكن مِنه إلا إضاعة الوقت والتعب، وأما أيُّ الناس شر فقال: الذي لا يُبالي إن رآه الناس مُسيئاً. هذا قد يُنازَع فيه، لأن هذا الذي لا يُبالي إن رآه الناس مُسِيئاً يُعتبر فاقدَ الحياءِ فقط ولا يُعتبر شرَّ الناس، شرُّ الناس في الواقع هو الذي يُشرك بالله عز وجل هذا شرّ الناس، لأنَّ هذا أظلَم الناس فيكونُ شرَّ الناس، ثم إن هذه المقولة سَاقَها المؤلف أو هذين الجملتين قد تكون صحيحة إلى لُقمان وقد تكون غير صحيحة، يعني ما يلزم، لأنه ما هناك سند صَحيح إلى لقمان مُتَّصِل ولم يُخْبِر النبي عليه الصلاة والسلام بذلك عنه، ومِثْل جميع الأخبار السابقة إذا لم تكن عن طريق الرسول عليه الصلاة والسلام فإنَّه يُنْظَر فيها، لأنها تأتينا بِغير إسناد تُؤْخذ عَن أهلِ الكتاب وأهلُ الكتاب غَيرُ مَأْمُونِين.
الطالب: طيب ما يُؤخَذ مِنها حِكمة يا شيخ؟
الشيخ : وقال .. نعم في كل شيء يُفتى به المَرْء ما له داعي يتعلق مِنه، والله ما أعرف ابن كثير ما ذَكَر هذا الأثر نعم.
الطالب: يا شيخ ...
الشيخ : يمكن أن .... لأن النصارى عندهم كتاب وأثارةٌ مِن علم وإلَّا غيرهم قد لا تنقل عنه شيء، ولكن كل الأحاديث عمَّن سبق لا تخلو مِن ثلاث أحوال كما هو معروف إمَّا أن توافق الشرع أو تخالفه أو لا يكون فيها موافقة ولَّا مُخالفة فما وافق الشَّرْع فهو مقبول وما خالفَه فهو مردود وما لم تكن فيه موافقة ولا مخالفة فإنه لا يُصَدَّق ولا يُكَذَّب، نعم، يقول: " (( أن )) أي: وقُلنا له أن (( اشكر لله )) على ما أعطاك مِن الحكمة " قوله: (( آتينا لقمان الحكمة )) ثم قال: أن اشكر لله " لو أنَّ أحداً قال إنَّ قوله: (أن اشكر لله) تفسير للحكمة بأنْ (أنْ) هُنا تفسير الحكمة لم يَكن بعيداً، أمَّا المُؤَلِّف فيرى أنها مَفْعُولٌ لِقولٍ محذوف تقديره: وقلنا له أنِ اشكر لله يعني على ما آتاك مِن الحكمة، أمَّا على الاحتمال الأول الذي هو ظاهر القرآن ولا يحتاج إلى تقدير فالأمر ظاهر أنَّ شُكْرَ نعمةِ الله مِن الحِكمة بل هو رأسُ الحكمة، نعم، وقوله: (اشكر لله) اللام هنا لِلاختصاص والاستحقاق، لأنَّه لا يختَصُّ بالشكر المُطْلَق ولا يستحِقُّ الشكر المطلق إلَّا الله سبحانه وتعالى، والشُّكْر هو القيام بطاعة المُنْعم اعترافاً بالقلب وثناءً باللسان وطاعةً بالأبدان، فمُتَعَلَّقُه مُتَعَلَّق الشُّكر ثلاثة: اللسان والقلب والجوارح، وسببُه واحد وهو النِّعْمة، ولهذا كان بينه وبين الحَمْد عُمُوم وخصوص فمِن جِهَة السَّبَب الحَمْدُ أعَمّ، ومِن جِهَة المُتَعَلَّق الشُّكْرُ أعَمّ، نعم، كيف ذلك؟ الحَمْد سببُه أمران: كَمَالُ المَحْمُود وإنْعَام المحْمُود ولهذا تَحْمَدُ الله عز وجل على كمالِه وتَحْمَدُهُ على إنْعَامِه، ولكنَّ الحَمْدَ يختَصُّ بماذا؟ مِن حَيْث المتعلق يختصُّ باللسان فقط، أمَّا الشكر فإنَّه من حيث السبب أخصّ، لأنه لا يكون إلا في مُقابلَةِ نِعْمة لكن مِن حيث المُتَعَلَّق أعَمّ يَكُون بِالقلْب واللسان والجوارِح وعليه قولُ الشاعر:
أفَادتْكَم النَّعْمَاء مِنِّي ثلاثةً يَدِي ولساني والضَّمِير الـمُحَجَّبَا
وقوله: (( أن اشكر لله )) قلنا: أنَّ اللام هنا للاختصاص والاستحقاق فيَجِب على العبد أن يُخْلِص الشُّكرَ له، وأن يعتقد بقلبِه أنَّه لا يستحقُّ الشُّكْر المُطلق إلا الله.
قال: (( وَمَن يَّشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ )) لأنَّ ثواب شُكْرِه لَه (( وَمَن كَفَرَ )) بالنعمة (( فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ )) عن خَلْقِه (( حَمِيدٌ )) مَحْمُودٌ في صُنْعِه " (ومن يشكر) الجملةُ هذِه شَرْطِيَّة فِعْل الشرط فيها مجزوم بـ(مَن)، و(مَن يشكر) وجواب الشرط زُمْلة [كذا] قولِه (فإنما يشكر لنفسه)، و(إنّما) أداة حصر، و(يشكر) فعل مضارع ولكن هل يقال: إن (يشكر) هو الجواب أو الجملة؟ الجملة، نعم، وقوله: (فإنما يشكُرُ لنفسه) كيف قال: (أن اشكر لِله) ثُم قال: (إنما يشكر لنفسه)؟ قد تقولون: إن المُتَوَقَّع أن يقول: (ومن يشكر فإنما يشكر لله) ولكن نقول مثل ما قال المؤلف: إن معنى قوله: (فإنما يشكر لنفسه) أي: أنه يَعُودُ ثَوابُ الشُّكرِ إليه فهو لِمَصلحتِه، وليس الشكر يعود إلى الله عز وجل فينتفِعُ به، لأنَّه سُبْحانه وتعالى لا يَنْتَفِع بالطاعة ولا يَتَضَرَّرُ بالمعصية، وإنما يعود إليك أنت نفسك.
(( ومَن كَفَر )) وهو ضِدُّ الشُّكْر (( فإن الله غني حميد )) غَنِيٌّ عَنه إذا كفرَ نِعمَة الله، حَمِيد فَعِيل بمعنى مَفْعُول ويجوز أن يكون (حَمِيد) بمعنى فَاعِل (حَامِد)، فهو سُبْحَانه وتَعَالى مَحْمُودٌ وحَامِدٌ، لأنَّه سبحانه وتعالَى يَصِفُ مَن يستحِقُّ الصِّفاتِ الكَامِلَة بِمَا يَسْتَحِقُّه ولهذا أثنى على أنبيائِه وعلى أوليائِه، وهذا حمْدٌ له، وهو أيضا مَحمُود مِن عبادِه فهو فَعِيل بمعنى فَاعِل وبمعنى مَفعول، وجه ارتباط الجملة جملة الجواب الشرط (ومن كفر فإن الله غني حميد) وجه ارتباطها بالشرط ظاهر يعني مِن كفر فإنَّه لن يَضُرَّ الله ولن يَنْقُصَ مِن مُلكِه، لأنَّه غَنِيّ، وكذلك لن يكون في ذلك قُصُورٌ مِن حكمته، لأنه جل وعَلا حَمِيد، فإيجادُ الشاكرين مما يُحْمَدُ الله عليه، وإيجاد الكافرين مما يُحمَد الله عليه، ولولا هذا ما عُرِف قَدْرُ الشُّكْر ولا عُرِف أيضاً مَضَرَّةُ الكُفْر، لولا هذا لكان الناس على حَدٍّ سواء لا يتميز فيهِم الطيِّب مِن الخَبيث، (( ومن كفر فإن الله غني حميد )) الغَنِي مِن أسماء الله، والحَميد مِن أسمائِه أيضاً.
قال: (( ووصينا الإنسان بوالديه )) (( و )) اذكر (( إذ قال ))، آا؟
الطالب:....
الشيخ : نعم لأنه .. عام لكن لما كان في سياق الحكمة التي أوتيها لقمان على تفسير المؤلف جعلها خاصة بالنبي يقول: (( و )) اذكر (( إذ قال لقمان لابنِه )) "
الطالب: ..يقول: محمود في صنعه ..
الشيخ : إي نعم هذا قُصُور (حميد) يقول المؤلف أنها "مَحمود في صنعه" والصواب أنَّه محمُود في صُنْعِه وشَرْعِه وفي جميع صفاتِه فهو محمود على صفاتِه الكاملة وعلى أفعالِه وعلى شرْعِه، نعم