فوائد قول الله تعالى : (( ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير )) حفظ
ثم قال الله عز وجل: (( وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ ))[لقمان:14] مِن فوائد الآية الكريمة عِنَاية الله عز وجل بمعامَلةِ الوالدين ولهذا أوصى بها سبحانه وتعالى وَصِيَّة.
ومن فوائدها أنها سبحانه أرْحَم بالوالدين مِن أولادهما أو لا؟ لأنَّ الله أوصى الأولاد بالوالدين إذاً فهو أرحم بالوالدين مِن الأولاد كما قلنا في قوله تعالى: (( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين )) أن في الآية دليلاً على أنَّ الله أرحمُ بالولَد مِن وَالِدَيه.
ومِن فوائد الآية الكريمة بيانُ عِظَمُ حُقُوقِ الوالدين ولهذا جعلَها الله تعالى وَصِية، والوصية كما سبق التقدير هي أن يُعْهَدَ إلى شَخْصٍ بأمْرٍ هَامّ، فهذا دليل على عِظَم حُقُوقُ الوالدين.
ومِن فوائد الآية الكريمة أن يُذْكَر لِلمخاطَب ما يَحْمِلُه على امتِثَال ما وُجِّهَ إليه، لقوله تعالى: (( حملته أمه وهنا على وهن )).
ومِن فوائد الآية الكريمة أنَّه ينبغي تَقْوِيَة ُالجانبِ الضعيف بما يُقَوِّيه مِن أين تُؤْخَذ؟ قوله: (( حملَتْه أمه وهنا على وهن وفِصَاله في عامين )) فإنَّ الله تعالى ذَكَر ما يَحْسُن للأم إغراءً لِلقيامِ بِحَقِّها ولم يذْكُر ما يَحْسُن للْأَب، لأنه -كما قلنا في التفسير- الأم ضَعيفة تحتاج إلى مَن يُقَوِّي جَانِبَها، وهل يستفاد مِنْه أنَّ حَقَّ الأمِّ أوجَب مِن حَقِّ الأَب؟
الطالب: ...
الشيخ : لا، الحديث واضح لكن مِن الآيَة؟
الطالب: ذَكَر فضل الأم.
الشيخ : ذَكَر ما تُعانيه الأم مِن المَشَاقّ إشارةً إلى أنها أحَقّ، نعم، لأنَّه بالنسبة للأب ما يجد .. هذه المشاق، ولكن الأم هي التي تَجِد، صحيحٌ أنَّ الأب قد يَتَحَمَّلُ مَشَاقَّ أخرى مثل مشاقَّ أخرى كَحُصُول النَّفَقَة، وما أشبه ذلك لكن الأمّ الأَلَمُ البدني ما يَكُون لِلأب.
ومِن فوائد الآية الكريمة أنَّه ينبغي للأم أن تَصْبِر على ما يَنَالُها مِن مشَقَّة الحَمْل، لأنَّه أمْرٌ طَبِيعِي لِقوله: (( حملته أمه وهنا على وهن ))، يَتَفَرَّع مِن هذه الفائدة بيان خَطَأِ بعضِ النِّسَاء اليَوم اللاتي لا يَصْبِرْنَ على وَهْن الحَمْل، فتجد المرأة تستعمل حُبُوبًا لِمَنْع الحَمْل تقول: بأنهن يلحقهن تَعَب وَمَشَقَّة وما أشْبَه ذلك، وبعض النساء يُحاوِلْن أن يَلِدْن عن طَرِيق العَمَلِيَّة يقول: بأنَّه أهْوَن، كل هذا فِرَارًا مِمَّا جُبِلَت عليه المَرأة مِن الضَّعْف عند الحمل وعِند الطَّلْق وعند الوِلَادة، نعم، إنْ احتاج الأمر إلى عَمَلِيَّة هذا لا بأس بِه لِلضرورة، وإلَّا فإنَّه لا ينبغي ذلك، لأن هذا خلاف ما فَطَرَ اللهُ عليه المرأة.
ومِن فوائدِ الآية الكريمة أن أقلَّ الحمْل سِتَّةُ أَشْهُر مِن قَولِهِ: (( وفصالُه في عامين )) وقد قال تعالى في سورة الأحقاف: (( وحملُه وفصالُه ثلاثون شهرًا )) فإذا أسقطت عامين مِن ثلاثِين شَهرًا كم بَقِي؟ بَقِي سِتّة أشهر، وذَكَر ابنُ قتيبة في المعارِف أنَّ عبد الملك بن مروان وُلِد لِستة أشهر وهو الخليفة المُحَنَّك كما هو مَعْرُوف وُلِد لستة أشهر، ويقول الخُبَرَاء في هذه الأمور: إنه لو وُلِد إنسان لِسِتة أشهر يُمكن يَعِيش لكن لِسبعة أشهر قَد لا يَعِيش.