تفسير قول الله تعالى : (( وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا )) حفظ
ثم قال الله تعالى: (( وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا ))[لقمان:15] (إن جاهداك) هذا مبتدأ درس اليوم، الضمير في قولِه (جاهداك) ضمير فاعِل يعُود على الوالِدَين، (معنى جاهداك) نقول: ما ذَكَر المؤَّلِف معناها لكن معناها: بَذَلَا الجُهْد مَعك، على أيِّ شيء؟ (( على أن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ به عِلْم )) يعني على أن تَجْعَل مَعِي شَرِيكاً لا عِلْم لَك بِه، وقوله: (مَا لَيْس لك به علم) هو قَيْدٌ لِبَيَان الواقع وليس قَيْدًا احْتِرَازِيًا، لأنَّه لا يُمْكِن أن يُوجَدَ عِلْمٌ بأنَّ لله تعالى شَرِيك، وهذا كقولِه تعالى: (( وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ ))[المؤمنون:117] فإن قال قائل: ما فَائدةُ هذا القَيْد وقد عُلِم أنَّه لن يُوجَد؟ قلنا: الفائدةُ فيه تَحْقِيق هذا الأمر حتى لا يُحَاوِل أحدٌ أن يَجْحَد ويَطْلُبَ عِلْمًا أو بُرْهَانًا وأنَّ الله تعالى لَه شَريك، فكأنَّه يقول: هذا هو حقيقةُ الواقِع وما كانَ حقيقة الواقع لا يُمكن أن يَتَخَلَّف، فهذا هو فائدة قولِه: (ما ليس لك به علم)، وقوله: (ما ليس) (ما) هذه يحتَمِل أن تكُونَ اسْمًا مَوْصُولًا أي الذي ليس لك به عِلْم، ويحتَمِل أن تكُونَ نَكِرَةً مَوصُوفةً أي: أن تُشْرِك بِي شَرِيكًا ليس لك بِه عِلْم.
وقوله: (( فلا تُطِعْهُمَا )) جوابُ الشَّرط وهو: إنْ جَاهَدَاك، إن جاهداك فلا تُطِعْهما، وتأمَّل قولَه: (فَلَا تُطِعْهُمَا) ولم يقل: فلا تَبَرَّهُمَا، ما قال: فلا تبرَّهما، ولم يقُل أيضاً: فاعْصِهِمَا، لِأنَّ كَلِمة (لا تُطِعْهُما) أهونُ في النفس مِن كلمة (فاعصِهما) ولهذا كان قولُ إبراهيم عليه الصلاة والسلام لِأَبيه: (( يا أبت إنِّي قَد جاءني مِن العِلْم مَا لم يأتِك )) أهون مِن قوله: (يا أبت إنك جاهل بما عندي)، لذا قال: (قد جاءني مِن العِلْمِ ما لَم يأتِك)، لأنَّ نفي الكَمَال أهون مِن إثْبَات النَّقْص على النُّفوس، ويُذْكَر أنَّ أحدَ الملوك رأى في المنَام أنَّ أسنانَه قد سَقَطت فقال: ادعوا لي مُعَبِّرًا يُعَبِّر هذه الرؤيا فجاءوا برجل لِيعْبُرَها، فقَصَّ عليه الرؤيا فقال: يموتُ أهلك. لَمَّا قال: يموتُ أهلك فَزِع الملِك فَزِع وهَلع وقال: اجلدُوه فَجَلَدُوه وانصرَف قال: أعطوني غَيره فجاءوا برجلٍ آخر فقصَّ عليه الرؤيا فقال: الملِك يكون أطولَ أهلِه عُمُرًا، نعم، فأكَرمَه وأسْبَغ عَليه النِّعَم، ومعنى ذلك معناه مُتقارب إذا كان أطولهم عُمُر معناه بيَموتون قبله، الحاصل أنَّ التعْبِير له أثرٌ على النفس، كلمة (لا تطعْهما) أهون مِن كَلِمة (اعصهما) ثم قوله: (لا تطعهما) ما قال: لا تبَرَّهما أو لا تقُم بحقِّهما، حَقُّهُما واجِب ولو أمرَاك بالشِّرك، إذا كان الوالدان لهما حقٌّ واجِب ولو أمراك بالشرك فكيف إذا أمَرَاك بما دُونَ الشِّرك، ولهذا حقُّ الوالدين ليس بالأمر الهَيِّن، (( فَلَا تُطِعْهُمَا )) لماذا لا تُطعْهما؟ لأنَّه لا طاعةَ لِمَخُلوقٍ في معصِيةِ الخالِق فإنَّ حقَّ اللهِ أوجَبُ مِن حقِّ الوالدين هو الذي أوْجَبَ لهما الحَقّ فكيف نُضِيع حقَّه مِن أجْلِ حقِّهما.
قال المؤلف رحمه الله: (( وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ))[لقمان:15] يقول: " مُوافَقَةً للواقِع " هذا تفسير لِقولِه: (ما ليس لك به علم) أن هذا هو الأمر الواقع أنَّه ليس لك بذلك عِلْم (( فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً )) أي بالمعروف البِرِّ والصِّلَة (( صَاحِبْهُمَا في الدُّنْيَا )) كلمة (في الدنيا) ظَرْفِية لا شك فيها، ولكن هنا المُراد بالدُّنيا المُرَاد: في زمَنِ الدنيا أو المُراد به شُئُون الدنيا؟ يحتَمِل أن يكون المُراد (شُئُون) يعني في أمُورِ الدنيا صاحبْهُما مَعْرُوفًا أما في أمُورِ الدين فلا تتعدى ما أمرَك اللهُ بِه، ويحتَمِل أن يكون في الدنيا أيْ في هذه الدُّنيا، لكن المعنى الأول أبلَغ، لأنَّه مِن المَعُلوم أنَّ المصاحبة بَيْن الوالدين والوَلَد إنما تكونُ في الدنيا فلا حاجَة إلى التقدِير فالظاهر أنَّ المعنى (فصاحبْهُما في الدنيا) أي فيما يتعلق بأمُورِ الدُّنْيا صاحبْهما مَعروفًا، قال المؤلف: " بالمعرُوف " ومعنى هذا التفسير أنَّ (معروفاً) مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الخَافِض، والنصبُ بِنَزْعِ الخَافِض مع غَيْر (أنَّ) و(أنْ) ليس بِمُضطرب بل هو شاذّ، وإذا كان كذلك فإنَّه لا ينبغي أن يُحال القرآن عليه، ولو قيل: إنَّ (معروفًا) صِفَة لِمصدرٍ محذُوف التقدير صَاحِبْهما صِحَابًا مَعْرُوفًا يعني صُحْبَةً مَعْرُوفَة ليس فيها عُنْف وليس فيها توبِيخ ولا لَوْم وليس فيها نَقْصٌ مِمَّا يِجِبُ لهما لكان هذا أولى
وقوله: (( فلا تُطِعْهُمَا )) جوابُ الشَّرط وهو: إنْ جَاهَدَاك، إن جاهداك فلا تُطِعْهما، وتأمَّل قولَه: (فَلَا تُطِعْهُمَا) ولم يقل: فلا تَبَرَّهُمَا، ما قال: فلا تبرَّهما، ولم يقُل أيضاً: فاعْصِهِمَا، لِأنَّ كَلِمة (لا تُطِعْهُما) أهونُ في النفس مِن كلمة (فاعصِهما) ولهذا كان قولُ إبراهيم عليه الصلاة والسلام لِأَبيه: (( يا أبت إنِّي قَد جاءني مِن العِلْم مَا لم يأتِك )) أهون مِن قوله: (يا أبت إنك جاهل بما عندي)، لذا قال: (قد جاءني مِن العِلْمِ ما لَم يأتِك)، لأنَّ نفي الكَمَال أهون مِن إثْبَات النَّقْص على النُّفوس، ويُذْكَر أنَّ أحدَ الملوك رأى في المنَام أنَّ أسنانَه قد سَقَطت فقال: ادعوا لي مُعَبِّرًا يُعَبِّر هذه الرؤيا فجاءوا برجل لِيعْبُرَها، فقَصَّ عليه الرؤيا فقال: يموتُ أهلك. لَمَّا قال: يموتُ أهلك فَزِع الملِك فَزِع وهَلع وقال: اجلدُوه فَجَلَدُوه وانصرَف قال: أعطوني غَيره فجاءوا برجلٍ آخر فقصَّ عليه الرؤيا فقال: الملِك يكون أطولَ أهلِه عُمُرًا، نعم، فأكَرمَه وأسْبَغ عَليه النِّعَم، ومعنى ذلك معناه مُتقارب إذا كان أطولهم عُمُر معناه بيَموتون قبله، الحاصل أنَّ التعْبِير له أثرٌ على النفس، كلمة (لا تطعْهما) أهون مِن كَلِمة (اعصهما) ثم قوله: (لا تطعهما) ما قال: لا تبَرَّهما أو لا تقُم بحقِّهما، حَقُّهُما واجِب ولو أمرَاك بالشِّرك، إذا كان الوالدان لهما حقٌّ واجِب ولو أمراك بالشرك فكيف إذا أمَرَاك بما دُونَ الشِّرك، ولهذا حقُّ الوالدين ليس بالأمر الهَيِّن، (( فَلَا تُطِعْهُمَا )) لماذا لا تُطعْهما؟ لأنَّه لا طاعةَ لِمَخُلوقٍ في معصِيةِ الخالِق فإنَّ حقَّ اللهِ أوجَبُ مِن حقِّ الوالدين هو الذي أوْجَبَ لهما الحَقّ فكيف نُضِيع حقَّه مِن أجْلِ حقِّهما.
قال المؤلف رحمه الله: (( وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ))[لقمان:15] يقول: " مُوافَقَةً للواقِع " هذا تفسير لِقولِه: (ما ليس لك به علم) أن هذا هو الأمر الواقع أنَّه ليس لك بذلك عِلْم (( فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً )) أي بالمعروف البِرِّ والصِّلَة (( صَاحِبْهُمَا في الدُّنْيَا )) كلمة (في الدنيا) ظَرْفِية لا شك فيها، ولكن هنا المُراد بالدُّنيا المُرَاد: في زمَنِ الدنيا أو المُراد به شُئُون الدنيا؟ يحتَمِل أن يكون المُراد (شُئُون) يعني في أمُورِ الدنيا صاحبْهُما مَعْرُوفًا أما في أمُورِ الدين فلا تتعدى ما أمرَك اللهُ بِه، ويحتَمِل أن يكون في الدنيا أيْ في هذه الدُّنيا، لكن المعنى الأول أبلَغ، لأنَّه مِن المَعُلوم أنَّ المصاحبة بَيْن الوالدين والوَلَد إنما تكونُ في الدنيا فلا حاجَة إلى التقدِير فالظاهر أنَّ المعنى (فصاحبْهُما في الدنيا) أي فيما يتعلق بأمُورِ الدُّنْيا صاحبْهما مَعروفًا، قال المؤلف: " بالمعرُوف " ومعنى هذا التفسير أنَّ (معروفاً) مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الخَافِض، والنصبُ بِنَزْعِ الخَافِض مع غَيْر (أنَّ) و(أنْ) ليس بِمُضطرب بل هو شاذّ، وإذا كان كذلك فإنَّه لا ينبغي أن يُحال القرآن عليه، ولو قيل: إنَّ (معروفًا) صِفَة لِمصدرٍ محذُوف التقدير صَاحِبْهما صِحَابًا مَعْرُوفًا يعني صُحْبَةً مَعْرُوفَة ليس فيها عُنْف وليس فيها توبِيخ ولا لَوْم وليس فيها نَقْصٌ مِمَّا يِجِبُ لهما لكان هذا أولى