تفسير قول الله تعالى : (( أولو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير )) حفظ
قال الله عزَّ وجَلّ: (( أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ )) (أَوَلَوْ كَانَ) هذا اسْتِفْهَام يَتْلُوهُ حَرف عَطْف، وقد تَقَدَّمَ لنا مِرَارًا وتَكْرَارًا بِأَنَّ حَرْفَ العَطْفِ إِذَا وَلِيَ الاسْتِفْهَام فَفِي إِعْرَابِه قَوْلَان: أَحَدُهُمَا أَنَّ هَمْزَةَ الاسْتِفْهَام دَخَلَتْ على مَحْذُوفٍ عُطِفَ عليه ما بَعْدَ حَرْفِ العَطْف، وَيُقَدَّرُ هذا الـمَحْذُوف بِحَسَب السِّيَاق وعلى هذا فَهَمْزَةُ الاسْتِفْهَامِ في مَكَانِهَا، والـمُسْتَفْهَم عنه يعني نقول .. الاستفهام مَحْذُوف، والقول الثاني: أنَّ الواو حَرْف عَطْف، والـمَعْطُوف عليه ما سَبَق، ومَحَلُّ الهَمْزَة بعد حَرْفِ العَطْف وقُلْنَا إِنَّ هذا أَهْوَن مِن الأول، الأَوَّل أَبْلَغُ في التَّقْعِيد، وهذا أَسْهَل، وَوَجْهُ سُهُولَتِه أنَّ الأَوَّل قد يَخْفَى على الإنْسَان مَاذا يُقَدِّرُه، و.. يَصْعُب أَحْيَانًا تَقْدِير شَيْء مُنَاسِب، وأمَّا هذه فلا تَحْتَاج لِشَيْء، تَقول: معطوفة على ما سبق، أمَّا المؤلف فَمَشَى على أيّ القولَيْن؟ " (( أَ )) يَتَّبِعُونَهُ (( وَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ ))؟ على الأَوَّل أنَّ حَرْفَ الاستفهام دَخَلَ على شيءٍ مَحْذُوف وأنَّ حرف العطف عَاطِفٌ على ذلك الشَيْء الـمَحْذُوف.
(( أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ )) أي مُوْجِبَاتِهِ؟ لا "
نعم، يقول الله عز وجل: أَيَتَّبِعُون آبَائَهُم دُونَ ما أَنْزَلَ الله حتى في هذه الحَال وهي: أنَّ الشيطان يَدْعُوهُم يَدْعُو الآبَاء ولَّا يَدْعُو هؤلاء؟ أظُنُّها تَشْمَل هؤلاء والآباء، (( إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ )) أي إلى ما يُوجِبُ عَذَابَ السَّعِير مِن أَعْمَالِ الشِّرْك والكُفْر وغيرِها، نعم، الاستِفْهام -ظَاهِر كَلَام المؤلف- أنَّه للإِنْكَار والنَّفْي، لِقولِه: " لَا " ولكنَّه للنَّفْي فيه إِشْكَال، لأنَّهم لا شَكَّ أنَّهم مُتَّبِعُوه، أما لِلإِنْكَار فَنَعَمْ يكون الله عز وجل أنكَرَ عَليهم أن يَتَّبِعُوا آبائَهم والشيطان يَدْعُوهم إلى عَذَابِ السعير، وقوله: (( عَذَابِ السَّعِيرِ )) هو عَذَابُ النَّار.