تفسير قول الله تعالى : (( ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى وإلى الله عاقبة الأمور )) حفظ
قولُه: (( إِلَى اللهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ )) مُوَحِّد (( فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى )) " (مَن) هذه شَرْطِيَّة جَوَابُها قولُه: (( فَقَدِ اسْتَمْسَكَ ))، وَقُرِنَ الجَوَابُ بالفَاء، لأنَّه اقْتَرَنَ بـ(قَدْ) والجوَابُ يَقْتَرِنُ بالفَاء إذا كان أَحَد أُمُورٍ سِتَّة:
اسْمـِــيَّةٌ طَلَبـِـيَّــــةٌ وَبِجَـــامِــدٍ وَبِـ(مَا) وَ(قَدْ) وَبِـ(لَنْ) وَبِالْتَنْفِيسِ
سَبْعَة، وهذا اقْتَرَنَ في جَوَابِ (قد) فوَجَبَ أَن يُقْرَنَ بِالفَاء، وقولُه: (( مَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ )) يعني معناه: ينْقَادُ لَه تَمَامَ الانْقِيَاد بحيثُ يُسْلِمُهُ إِلَيْه وَهَذا غَايَة مَا يَكُون مِن التَذَلُّل والتَوَكُّل، (( يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ )) ولم يَقُل: (لله)، لأَنَّ قَولَه: (( إِلَى اللهِ )) أَبْلَغ كأنَّه أعْطَاه لله عَزَّ وَجَلَّ وبَلَغَ غَايَتَه في الوُصُول إِلَى اللهِ، وقولُه: (( وجهَه )) الـمُرَاد وَجْهَه يعنِي وَجْه قَلْبِه أو وَجْه بَدَنِه؟ الـمُرَاد وَجْه قَلْبِه يعني اتِّجَاهَه فَهو مِن الوُجْهَةِ أي: مَن يَتَّجِهْ إلى اللهِ قَصْدًا وَتَوَكُّلًا وَاعْتِمَادًا، وقولُه: (( وَهُوَ مُحْسِنٌ )) الجُمْلَة هذه حَالِيَّة حَالٌ مِن فَاعِل (يُسْلِمْ) يعني والحَال أنَّه مُحْسِن والـمُرَاد بالإِحْسَان يقول المؤلف: التَّوْحِيد. ولكن الصَّوَاب خِلَافُ كلامِه، لأَنَّ التَّوحِيد مَفهُومٌ مِن قولِه: (( ومَن يُسْلِمْ وجهَه إِلى الله ))، لكنْ قولُه: (( وَهُوَ مُحْسِنٌ )) أي مُحْسِنٌ باتِّبَاعِ الشَّرِيعَة مُحْسِنٌ باتِّبَاعِ شَرِيعَتِه شَرِيعَةِ اللهِ عزَّ وجَل، فيكونُ في الآية إِشَارةٌ إلى الحُكْمَيْنِ الأسَاسِيَّيْنِ في العِبَادَة وهُمَا: الإِخْلَاص والـمُتَابَعَة، وقولُه: (( وَهُوَ مُحْسِنٌ )) يعني في مَاذا؟ في اتِّبَاع الشَّرِيعة يعني مُتَّبِعٌ لِشَرِيعَتِه على وَجْهِ الإِحْسَان.
(( فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ )) (اسْتَمْسَك) بمعنى (تَمَسَّك) لكنَّها أتَتْ بهذه الصِّيغَة (اسْتَفْعَل)، لِلمُبَالَغَة أي لِلـمُبَالَغَة في التَمَسُّك، لأنَّ (اسْتَمْسَك) بكذا أقْوَى مِن قولِك: تَمَسَّكَ به، لأنَّهم يقولون: إنَّ زِيَادَةَ الـمَبْنَى تَدُلُّ على زِيَادَةِ الـمَعْنَى فَلَمَّا كَثُرَتْ حُرُوفُ (اسْتَمْسَك) صارَتْ أقوَى في مَعنَاها مِن (تَمَسَّكَ).
وقولُه: (( بالعُرْوَةِ الوُثْقَى )) يقول المؤلف رحمه الله: " بالعُرْوَةِ الوُثْقَى بِالطَّرَفِ الأَوْثَق الذِي لا يُخَافُ انْقِطَاعُه " العُرْوَة الإنسَان عندما يَتَمَسَّك بالحَبْل فتَارَةً يَتَمَسَّكُ به بِطَرَفِه وليس له عُرْوَة، وتَارَةً يَتَمَسَّك به بطَرَفِه وهو مَعْقُود، وتَارَةً يَتَمَسَّك بِطَرَفِه وهو مَثْنِيٌّ كالعُرْوَة أيُّهُما أَبْلَغ؟ العُرْوَة أَبْلَغ، لأن الإنسان إذا تَمَسَّكَ بِطَرَفِه ربما يَزْلِق فيَسْقُط وكذلك بِطَرَفِه مَأْخُوذًا ما يَتَمَكَّن مِثْلَما يتَمَكَّن بطَرَفِه إذا كان عُرْوَةً، و(الوُثْقَى) مُؤَنَّث (أَوْثَق) يعني العُرْوَة التي هي أَوْثَق شَيْء، نعم، ولا رَيْبَ أنَّ {يرحمك الله} مَنْ أَسْلَمَ وجهَه إلى الله وهو مُحْسِنٌ فإنَّه سَيَنْجُو مِن كُلِّ مَكْرُوه ويَفُوزُ بِكُلِّ مَطْلُوب، لأن هذا هو الطَّرِيقُ الأَمْثَل الذي يُوصِل إلى الله عَزَّ وجَلّ أن تُسْلِمَ وَجْهَكَ إليه وأنْتَ مُحْسِنٌ، هل وَرَدَ مِثْلُها في القُرْآن (اسْتَمْسَكَ بالعُرْوَةِ الوُثْقَى)؟ (( فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ))[البقرة:256] نعم.
الطالب: .....
الشيخ : أي إصْرَارُه إذا عُقِدَ طَرَفُه. [قطع في الشريط]
(( وَإِلَى اللهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ )) لـَمَّا بَيَّنَ أنَّ الذي يُسْلِمُ وجهَه إلى الله وهو مُحْسِن أنَّه مُسْتَمْسِك بِالعُرْوَة الوثقى وأَنَّ الإنسان في حَال الإسْلَام إلى الله والإِحْسَان قد يَعْتَرِيه أُمُور يَشُكّ هل هُو مُسْتَمْسِك بالعُرْوَةِ الوُثْقَى ولَّا لا؟ مِثْلُ أن يتَخَلَّفّ عنْه النَّصْر في يَوْم مِن الأَيَّام ومَا أَشْبَهَ ذلك فَيَخْشَى أن يَكُونَ على غَيْر حَقّ فَبَيَّنَ اللهُ تعالى أنَّ عَاقِبَةَ الأُمُور إِلى الله عَاقِبَةُ الأُمُورِ إِلى الله، وهذا كقَوْلِه تعالَى: (( وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ ))[الحج:41] لأَنَّ الإنسان قد يقول: ما قِيمَةُ هذه الأشْيَاء بالنسبة لِلقَنَابِل والصَّوَارِيخ وما أشْبَهَ ذلك؟ فَبَيَّنَ اللهُ تعالى أنَّ العَاقِبَة لِمَنْ؟ عَاقِبَةُ الأُمُورِ للهِ فأَنت ما دُمْتَ قُمْتَ بأسْبَابِ النَّصْر التي بَيَّنَها اللهُ لك فلا يَخْدَعَنَّك ما أُعْطِيَ أَعْدَاءُ الله تعالى مِن القُوَّةِ الـمَادِّيَّة لأَن هذه القُوَّة الـمَادِّيَّة تَتَضَاءَل بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ عَز وجَل، إِذا أَرَادَ عز وجل أن يَخْسِفَ بهم جَمِيعًا الأَرْض أو يُفْسِد عليهم مُعِدَّاتِهم قال: كُنْ. فيَكُون ولهذا أَعْقَبَها بقولِه: (( ولله عَاقِبَةُ الأُمُورِ )) حتَّى لا يَسْتَبْعِدَ الإنسانُ نصْرَ الله عز وجل بِسَبَبِ ما أُوتِيَ أَعْدَائُه مِن قُوَّةٍ، لِأن العَاقِبَة لله عز وجل هذه مِثْلُها أيضًا لِيُسْلِمِ الإنْسَان وجهَه إلى الله وهو مُحْسِنٌ وينْتَابُه بعض الأحيان شُكُوك وهل هو على حَقّ ولَّا على غير حَقّ وهل إنّ هذا اسْتِمْسَاك حَقِيقِي ولَّا لا؟ فبَيَّنَ الله تعالى أنَّ عاقِبَةَ الأُمُور إلى الله وأنَّك متى أسْلَمْتَ وجهَك إلى الله وأنْتَ مُحْسِن فلا بُدَّ أَنْ تَنْجُو، وقولُه: (( وإلى الله عاقبة الأمور )) (إلى) تُفِيد ايش؟ معناها؟ تُفِيدُ الغَايَة يعني غَايَةُ عَاقِبَةِ الأُمُور إلى الله لا إلى غَيرِه هو الذي يُدَبِّرُ الأُمُورَ كيف يَشَاء حتى تَصِلَ إلى ما يُرِيدُه سُبْحَانَه وتعَالى، وقوله: (( الأُمُور )) جمع أَمْر واحِدُ الأُمُور يعني الشُئُون كلّ الشُئُون الدِينِيَّة والدُنْيَوِيَّة العَامَّة والخَاصَّة كُلُّها عاقِبَتُها إلى الله، هذا قِسْمٌ مِن الناس الذي أَسْلَم وجهَه إلى الله وهو مُحْسِن، الثَّانِي: الكَافِر
اسْمـِــيَّةٌ طَلَبـِـيَّــــةٌ وَبِجَـــامِــدٍ وَبِـ(مَا) وَ(قَدْ) وَبِـ(لَنْ) وَبِالْتَنْفِيسِ
سَبْعَة، وهذا اقْتَرَنَ في جَوَابِ (قد) فوَجَبَ أَن يُقْرَنَ بِالفَاء، وقولُه: (( مَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ )) يعني معناه: ينْقَادُ لَه تَمَامَ الانْقِيَاد بحيثُ يُسْلِمُهُ إِلَيْه وَهَذا غَايَة مَا يَكُون مِن التَذَلُّل والتَوَكُّل، (( يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ )) ولم يَقُل: (لله)، لأَنَّ قَولَه: (( إِلَى اللهِ )) أَبْلَغ كأنَّه أعْطَاه لله عَزَّ وَجَلَّ وبَلَغَ غَايَتَه في الوُصُول إِلَى اللهِ، وقولُه: (( وجهَه )) الـمُرَاد وَجْهَه يعنِي وَجْه قَلْبِه أو وَجْه بَدَنِه؟ الـمُرَاد وَجْه قَلْبِه يعني اتِّجَاهَه فَهو مِن الوُجْهَةِ أي: مَن يَتَّجِهْ إلى اللهِ قَصْدًا وَتَوَكُّلًا وَاعْتِمَادًا، وقولُه: (( وَهُوَ مُحْسِنٌ )) الجُمْلَة هذه حَالِيَّة حَالٌ مِن فَاعِل (يُسْلِمْ) يعني والحَال أنَّه مُحْسِن والـمُرَاد بالإِحْسَان يقول المؤلف: التَّوْحِيد. ولكن الصَّوَاب خِلَافُ كلامِه، لأَنَّ التَّوحِيد مَفهُومٌ مِن قولِه: (( ومَن يُسْلِمْ وجهَه إِلى الله ))، لكنْ قولُه: (( وَهُوَ مُحْسِنٌ )) أي مُحْسِنٌ باتِّبَاعِ الشَّرِيعَة مُحْسِنٌ باتِّبَاعِ شَرِيعَتِه شَرِيعَةِ اللهِ عزَّ وجَل، فيكونُ في الآية إِشَارةٌ إلى الحُكْمَيْنِ الأسَاسِيَّيْنِ في العِبَادَة وهُمَا: الإِخْلَاص والـمُتَابَعَة، وقولُه: (( وَهُوَ مُحْسِنٌ )) يعني في مَاذا؟ في اتِّبَاع الشَّرِيعة يعني مُتَّبِعٌ لِشَرِيعَتِه على وَجْهِ الإِحْسَان.
(( فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ )) (اسْتَمْسَك) بمعنى (تَمَسَّك) لكنَّها أتَتْ بهذه الصِّيغَة (اسْتَفْعَل)، لِلمُبَالَغَة أي لِلـمُبَالَغَة في التَمَسُّك، لأنَّ (اسْتَمْسَك) بكذا أقْوَى مِن قولِك: تَمَسَّكَ به، لأنَّهم يقولون: إنَّ زِيَادَةَ الـمَبْنَى تَدُلُّ على زِيَادَةِ الـمَعْنَى فَلَمَّا كَثُرَتْ حُرُوفُ (اسْتَمْسَك) صارَتْ أقوَى في مَعنَاها مِن (تَمَسَّكَ).
وقولُه: (( بالعُرْوَةِ الوُثْقَى )) يقول المؤلف رحمه الله: " بالعُرْوَةِ الوُثْقَى بِالطَّرَفِ الأَوْثَق الذِي لا يُخَافُ انْقِطَاعُه " العُرْوَة الإنسَان عندما يَتَمَسَّك بالحَبْل فتَارَةً يَتَمَسَّكُ به بِطَرَفِه وليس له عُرْوَة، وتَارَةً يَتَمَسَّك به بطَرَفِه وهو مَعْقُود، وتَارَةً يَتَمَسَّك بِطَرَفِه وهو مَثْنِيٌّ كالعُرْوَة أيُّهُما أَبْلَغ؟ العُرْوَة أَبْلَغ، لأن الإنسان إذا تَمَسَّكَ بِطَرَفِه ربما يَزْلِق فيَسْقُط وكذلك بِطَرَفِه مَأْخُوذًا ما يَتَمَكَّن مِثْلَما يتَمَكَّن بطَرَفِه إذا كان عُرْوَةً، و(الوُثْقَى) مُؤَنَّث (أَوْثَق) يعني العُرْوَة التي هي أَوْثَق شَيْء، نعم، ولا رَيْبَ أنَّ {يرحمك الله} مَنْ أَسْلَمَ وجهَه إلى الله وهو مُحْسِنٌ فإنَّه سَيَنْجُو مِن كُلِّ مَكْرُوه ويَفُوزُ بِكُلِّ مَطْلُوب، لأن هذا هو الطَّرِيقُ الأَمْثَل الذي يُوصِل إلى الله عَزَّ وجَلّ أن تُسْلِمَ وَجْهَكَ إليه وأنْتَ مُحْسِنٌ، هل وَرَدَ مِثْلُها في القُرْآن (اسْتَمْسَكَ بالعُرْوَةِ الوُثْقَى)؟ (( فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ))[البقرة:256] نعم.
الطالب: .....
الشيخ : أي إصْرَارُه إذا عُقِدَ طَرَفُه. [قطع في الشريط]
(( وَإِلَى اللهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ )) لـَمَّا بَيَّنَ أنَّ الذي يُسْلِمُ وجهَه إلى الله وهو مُحْسِن أنَّه مُسْتَمْسِك بِالعُرْوَة الوثقى وأَنَّ الإنسان في حَال الإسْلَام إلى الله والإِحْسَان قد يَعْتَرِيه أُمُور يَشُكّ هل هُو مُسْتَمْسِك بالعُرْوَةِ الوُثْقَى ولَّا لا؟ مِثْلُ أن يتَخَلَّفّ عنْه النَّصْر في يَوْم مِن الأَيَّام ومَا أَشْبَهَ ذلك فَيَخْشَى أن يَكُونَ على غَيْر حَقّ فَبَيَّنَ اللهُ تعالى أنَّ عَاقِبَةَ الأُمُور إِلى الله عَاقِبَةُ الأُمُورِ إِلى الله، وهذا كقَوْلِه تعالَى: (( وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ ))[الحج:41] لأَنَّ الإنسان قد يقول: ما قِيمَةُ هذه الأشْيَاء بالنسبة لِلقَنَابِل والصَّوَارِيخ وما أشْبَهَ ذلك؟ فَبَيَّنَ اللهُ تعالى أنَّ العَاقِبَة لِمَنْ؟ عَاقِبَةُ الأُمُورِ للهِ فأَنت ما دُمْتَ قُمْتَ بأسْبَابِ النَّصْر التي بَيَّنَها اللهُ لك فلا يَخْدَعَنَّك ما أُعْطِيَ أَعْدَاءُ الله تعالى مِن القُوَّةِ الـمَادِّيَّة لأَن هذه القُوَّة الـمَادِّيَّة تَتَضَاءَل بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ عَز وجَل، إِذا أَرَادَ عز وجل أن يَخْسِفَ بهم جَمِيعًا الأَرْض أو يُفْسِد عليهم مُعِدَّاتِهم قال: كُنْ. فيَكُون ولهذا أَعْقَبَها بقولِه: (( ولله عَاقِبَةُ الأُمُورِ )) حتَّى لا يَسْتَبْعِدَ الإنسانُ نصْرَ الله عز وجل بِسَبَبِ ما أُوتِيَ أَعْدَائُه مِن قُوَّةٍ، لِأن العَاقِبَة لله عز وجل هذه مِثْلُها أيضًا لِيُسْلِمِ الإنْسَان وجهَه إلى الله وهو مُحْسِنٌ وينْتَابُه بعض الأحيان شُكُوك وهل هو على حَقّ ولَّا على غير حَقّ وهل إنّ هذا اسْتِمْسَاك حَقِيقِي ولَّا لا؟ فبَيَّنَ الله تعالى أنَّ عاقِبَةَ الأُمُور إلى الله وأنَّك متى أسْلَمْتَ وجهَك إلى الله وأنْتَ مُحْسِن فلا بُدَّ أَنْ تَنْجُو، وقولُه: (( وإلى الله عاقبة الأمور )) (إلى) تُفِيد ايش؟ معناها؟ تُفِيدُ الغَايَة يعني غَايَةُ عَاقِبَةِ الأُمُور إلى الله لا إلى غَيرِه هو الذي يُدَبِّرُ الأُمُورَ كيف يَشَاء حتى تَصِلَ إلى ما يُرِيدُه سُبْحَانَه وتعَالى، وقوله: (( الأُمُور )) جمع أَمْر واحِدُ الأُمُور يعني الشُئُون كلّ الشُئُون الدِينِيَّة والدُنْيَوِيَّة العَامَّة والخَاصَّة كُلُّها عاقِبَتُها إلى الله، هذا قِسْمٌ مِن الناس الذي أَسْلَم وجهَه إلى الله وهو مُحْسِن، الثَّانِي: الكَافِر