فوائد قول الله تعالى : (( نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ )) حفظ
ثم قال تعالى: (( نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ ))[لقمان:24] (نُمَـــتِّعُهم) معروف أنَّ الضَّمير يعُود على الكافِرين فيُستفاد مِن الآية الكريمة أنَّ الكافِرَ قد يُمَتَّعُ في الدنيا أكْثَرَ مما يُمَتَّعُ الـمُؤْمِن أليس كذلك؟ لأنه قال: (( نمتعهم )) وهذا هو الوَاقِع فإنَّ بعضَ الكُفار يكون أشَدَّ تَمَتُّعًا في الدنيا مِن الـمُؤمِنِين، ولكنَّه -كما قال الله عز وجل- (( قَلِيلًا )).
ومِن فوائد الآية الكريمة أنَّ التَّمْتِيع في الدنيا قَلِيل في زَمَنِه اش بعد؟ ونَوْعِه، أمَّا زمنُه فظاهِر (( كأنَّهم يومَ يرَوْن ما يُوعَدُون لم يَلْبَثُوا إلا سَاعَةً مِن نَهَار ))، وأما نوعُه فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( لَمَوْضِعُ سَوطِ أحدِكم في الجنة خَيْرٌ مِن الدنيا وما فيها ).
ومن فوائد الآية الكريمة أنَّ عذابَ الكُفَّار عذابٌ غَلِيظ، لِقولِه (( ثُمَّ نضْطَرُّهم إلى عَذَابٍ غَلِيظ )).
ومنها أنَّ الكفار يُضْطَرُّون ويُلْجَئُون إلى دُخُولِ هذا العذاب، لِقولِه: (( نضْطَرُّهم ))، واعلَم أن هذا الاضْطِرَار يكونُ عند خُرُوجِ الرُّوح ويكونُ كذلك في الآخِرَة، أما عند خُرُوجِ الروح فإنه قد وَرَدَ في الحديث حديثِ البراء الطَّوِيل أنَّه إذا حضرَ الموْت إلى هؤلاءِ الكفار وبُشِّرَت روحُه بالغَضَب مِن الله سبحانه وتعالى فإنها تَتَفَرَّقُ في بدنِه تَتَشَبَّثُ فِيه حتى يَنْتَزِعُوهَا مِنها مِن البَدَن [قطع] يُنزَعُ السَّفُّود مِن الصُّوفِ الـمَبْلُول يعني بِشِدَّة، ويدُلُّ لِذلك قولُه تعالى: (( وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمُ )) (أخرِجُوا) يدُلّ هذا الأمر على أنَّهم كانوا أَشِحَّاءِ في إِخْرَاجِهَا (( اليومَ تُجْزَونَ عَذابَ الهُونِ )) إلى آخِرِه هذا معنى قولِه (نَضْطَرُّهُم) ما يأتُون مُخْتَارِينَ مُنْقَادِين وهذا واقع .. وقالَ تعالى في الآخِرَة: (( يَومَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا )) يُدْفَعُون بعُنْف حتى يَدْخُلُوهَا -والعِيَاذُ بالله-