تفسير قول الله تعالى : (( ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله )) حفظ
ثم قال عزَّ وجل: (( وَلَوْ أَنَّ مَا فِي الأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ )) قَبْل أَن، نشُوف الإِعْرَاب: (ولوْ أَنَّ مَا) نعم، (لو) هذه شَرْطِيَّة وفِعْلُ الشَّرط محْذُوف أي: ولو ثَبَتَ أنَّ ما في الأرْضِ مِن شَجَرَة إلى آخرِه، و(ما) اسْم مَوْصُول بمعنى الذي، و(في الأرضِ) جارَّ ومجرُور متعَلِق بمَحْذُوف صِلَة الـمَوْصُول يعني: وَلَوْ أَنَّ الذي اسْتَقَرّ في الأرض، و(مِن شَجَرة) جار ومجرور بَيَانٌ لـ(مَا) بَيَانٌ لـ(مَا) الاسْم الـمَوْصُول، لأن الاسْم الموْصُول مُبْهَم يحتَاجُ إلى بَيَان، فـ(مِن شَجَرة) بَيَانٌ له يعني: لو أن الذي في الأرض مِن الشَّجَر، وقولُه: (أقلامٌ) خبَرُ (أَنَّ) يعني: ولو أَنَّ الذي في الأرض مِن الأشْجَار كانَ أقلامًا -هذا المعنى- كان أقلامًا يُكْتَبُ بِهَا.
(( والبَحْرَ )) يقول: " عَطْف عَلَى اسْم (أَنَّ) " (والبحرَ)، وفي قراءةٍ (والبَحْرُ) - .. هِي (والبَحْرُ) مع أنه يقولها بالنَّصْب- لكن الـمُؤلِّف يقُول: منصُوبة والعَطْف على اسمِ (أَنَّ)، (والبحْرُ) إذا كانت بالرَّفع فهي مُبْتَدَأ قال ابنُ مالك:
وجائزٌ رَفْعُــــــك معْطُــــوفًا عَــــلى مَنْصُوبِ (إِنَّ) بَعْدَ أَنْ تَسْتَكْمِلَا
وأُلْحِقَتْ بـ(إنَّ) (لَكِـــنَّ) و(أَن)
هذا (أن)، قال: " والبَحْر عَطْفٌ على اسْمِ (إِنَّ) " فتكون بالنصب،
(( يَمَدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ )) وين الخبر؟
الطالب: ...
الشيخ : لَا (ما) هَذا جَوَاب الشَّرْط، الخَبْر محْذُوف قَدَّرَهُ المُؤَلِّفُ بِقَوْلِه: " مِدَاد " يعني: لو أنَّ ما في الأرض مِن الأشجَار أقْلَام وما فيها مِن البِحَار مِدَاد -مِدَاد يعني حِبْر يُكْتَبُ به- جوابُ الشَّرْط: (مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ الله) " الـمُعَبَّرُ بها عن معلوماتِه " إلى آخِرِه نعم، (ما نَفِدَت كَلِمَاتُ الله)، (نَفِدَ) ايش معناه؟
الطالب: انتهى.
الشيخ : انْتَهَى وخَلَصَ، (( ما نفِدَتْ كَلِمَاتُ اللهِ )) (كَلِمَاتُ) فاعل (نَفِدَتْ) الكَوْنِيَّة والشَرْعِيَّة ما تنْفَد السبَب: لِأنَّه سبحانَه وتعالى لم يزَلْ ولا يزَالُ مُتَكَلِّمًا والخَلْق لهم نِهَايَة ولَّا ما لهم نِهَايَة؟ لَا، الخَلْق مَا لهم نِهَايَة، لأَنَّهُ إِذَا دَخَلَ النَّاسُ الجَنَّة أو النَّار وش يكون؟
الطالب: ...
الشيخ : فالإِذْنُ دائم سَرْمَدِيّ أبَدِيّ، نعم، فإذًا كُلُّ شيءٍ يَخْلُقُه الله فإنما يخْلُقُه بماذا؟ يخلُقُه بالكَلِمَة (كُنْ) فيكون، إذا كانت المخلوقات لا تَنْتَهِي وكذلك أيضًا أفعالُ الله عز وجل في الأَزَل ما لها نِهَاية فإنهَا لا يُمْكِن أَنْ تَنْفَد أَبَدًا حتى لو فُرِض أَنَّ البَحْر ومِن بعدِه سَبْعَةُ أَبْحُر تُمِدُّه والشَّجَر كُلُّ الشَّجَر الذي في الأَرْض أقْلَام وصَار يُكْتَبُ بِهَا فإنَّ كلماتِ الله لا تنْفَد كلماتُ الله عَزَّ وجل لا تَنْفَد ووَجْهُ ذلك وَاضِح، لأَنَّ الـمَخْلُوقَات لا تَنْفَد وكُلُّ مَخْلُوق فإنَّه يَكُون بالكَلِمَة (( إِنَّمَا أَمْرُه إِذَا أَرَادَ شيئًا أن يقُولَ له كُن فَيَكُونُ ))
الطالب: ما هو ... حتى ..
الشيخ : ذكَرَه كأصل، إذًا يَتَبَيَّنُ لنا وَجْهُ كُونُ هذه الجُمْلَةِ الخَبَرِيَّة صِدْقًا مُحْضًا وهِي صِدْقٌ لا شك كلماتُ الله فهي خبر .. لكن قد يقول قائل: كيف وش وَجْه هذا؟ نقول: هذا وجْهُهُ إِذْ أنَّ الإِنسَان قد يَسْتَعْظِم أن تكُونَ البِحَار نعم، البَحْر المحِيط ومِن وَرَائِه سَبْعَةُ أبْحُر يكُون مِدَادًا ومَا في الأرْض مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامُ يُكْتَبُ بِه ثم لا تَنْفَد كَلِمَاتُه قد يَسْتَعْظِم هذا الشيء، ولكنَّه إذا عَرَفَ كَمَالَ قُدْرَةِ اللهِ وَعَظَمَتِهِ ما اسْتَعْظَمَ هذا، نعم، وقولُه: (( مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللهِ )) قال: " الـمُعَبَّرُ بها عن مَعْلُومَاتِه بكَتْبِهَا بتلك الأَقْلَام بِذلك الـمِدَاد ولو بِأَكْثَرَ مِن ذلك لأنَّ معلوماتِه -تعالى- غَيْرُ مُتَنَاهِيَة " عَفَا الله عن المؤلِّف! هذا تَحْريف عَبَّر يقُول إن الـمُرَاد بالكلمات المَعْلُومَاتُ معلومات الله، يعني ما نَفِدَ ما يعلَمُه لكن هذا تحْرِيفٌ ظَاهِر لِلقُرْآن، اللهُ يقول: مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُه والكَلِمَات هي اللِّي تُكْتَب أَمَّا المعْلُومَات فقد تُكْتَب وقَد لا تُكْتَب فَهَل كُلُّ مَعْلُومَاتِك تَكْتُبُهَا؟ لكِن كَلمَاتُك إذا أَرَدتَّ أن تُعَبِّرَ عَنْها لِلْغَيْر تَنْطِق بها وتَكْتُبُهَا، فالمعنى ما نفِدَت كَلِمَاتُ الله أي كَلِمَاتُه بالحَقّ حَقِيقَةَ الـمَعْنَى فكَلِمَاتُه الحَقِيقِيَّة لو أُمْلِيَتْ عَلى أَحَدٍ وَصَارَتِ البِحَارُ مِدَادًا لها والأَشْجَارُ أقْلَامًا لها ما نَفِدَت، ووَجْهُ ذلك ظَاهِر وهذا يَدُلُّ على عَظَمِةِ الله عَزَّ وجل وكَمَالِ قُدْرَتِهِ