تفسير قول الله تعالى: (( وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون )) حفظ
(( وجعل لكم السمع )) جعل لكم هذا التفاتٌ مِن الغيبة إلى الخطاب (( بدأَ خلقَ الإنسان مِن طينٍ ثم جعل نسلَه )) كل هذا غيبه ثم سواه هذا غيبه ونفخ فيه من روحه هذا غيبة وجعل لكم السمع هذا خطاب، والانتقال أو الالتفات يسميه البلاغيون الالتفات له فائدة بل فوائد منها تنبيه المخاطَب لأن الكلام إذا كان على وتيرة واحدة ما حصل تنبه، لكن إذا اختلف يحصل التنبه سواءٌ اختلف بعود الضمائر كالانتقال من الغيبة إلى الخطاب أو بالعكس، أو اختلف في شدة الصوت عندما يكون الإنسان كلامه هادئًا على وتيرة واحدة ما يكون هناك انتباه لكن لو أتى بزجر في بعض الأحيان يحصل انتباه ولّا لا؟ يحصل الانتباه فالالتفات أو تغيير الخطاب كل يحصل به الانتباه (( وجعلَ لكم السمع )) لكم أي لذريته، الخطاب لا شك أنه للذرية كما قال المؤلف.
الطالب : وما فائدة الخطاب هنا؟
الشيخ : هذا فائدته التنبيه الفائدة الثانية حسب السياق تكون حسب السياق إما مثلا الزيادة التورية أو الزيادة في بيان النعمة أو ما شابه ذلك حسب السياق،
(( السمع )) قال المؤلف :- بمعنى الأسماع، نعم بمعنى الأسماع (( وجعل لكم السمع )) أي الأسماع، لماذا أولها إلى الأسماع؟ لأن لكم جمع خطاب لجمع، وإذا كان الخطاب للجمع لزم أن يكون السمع لكل واحد فيكون جمعاً قال أهل اللغة: وإنما أفرد السمع وجمع الأبصار لِأن السمع مصدر سَمِعَ يَسْمَعُ سَمْعًا والمصدر لا يجمع ولا يثنى، وإنما يبقى مُفْرَدًا ويكون المراد به الجنس والأبصار جمع بصر وهو القوة الباصرة وليس مصدرًا، لأَنَّ المصْدَر إِبْصَار أبصر يبصر إبصاراً فلهذا جَمع هذا المراد به الجنس (( وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة )).
(( الأفئدة )) يعني القلوب فذكر الله سبحانه وتعالى طريق الفهم ومكان الفهم طَريق الفهم ما هو؟ السمع والبصر ومحل الفهم والوعي هو القلب (( جعل لكم السمع والأبصار )) ولهذا يكون السمع والبصر كقناتين يصبان في القلب يتلقيان ما يُسمع أو يُبصر ثم يصبان في القلب وهو محل الوعي والإدراك (( وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة )) يعني القلوب طيب لماذا لم يذكر الشم والذوق واللمس؟ لأن الاتِّعَاظ بالآيات يكون بالسمع والبصر وبدأ بالسمع لأنه أشمل وأعم لأنك تسمع ما لا تراه، ولما كان أشمل وأعم كان الابتلاء به والحمد لله أقل لو نسبت الصُم إلى العُمْى لوجدت النسبة قليلة لأن الصَمَم أشد فوجود السمع أهم.
وقوله: (( قليلا ما تشكرون )) يقول المؤلف: قليلاً ما، ما زائدة مؤكدة للقلة قليلا ما تشكرون، وقليلًا ايش إعرابها؟ مفعول مطلق يعني تشكرون شكراً قليلاً يعني مع هذه النعم التي ساقها الله عز وجل في ابتداء خلق الإنسان إلى انتقاله في الأرحام إلى خروجه بالسمع والبصر والقلب، مع هذه النِعَم العَظِيمة فالشكر قليل أي تشكرون شكراً قليلاً وما هذه زائدة لتأكيد القلة؟ نعم، وهذا معروف حتى في الأساليب العرفية الآن تقول قليلاً ما، قليلاً ما يعني توكيد لهذه القلة فما زائدة؟ والله أعلم