تفسير قول الله تعالى : (( فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون )) حفظ
قال الله تعالى: (( فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ))[السجدة:17] فلا تعلم نفس أيُّ نفس لا ملك مقرب ولا نبي مرسل لا تعلم (( ما أخفي لهم من قرة أعين )) وهذا نفي لعلم الحقيقة لا لعلم المعنى، فإن المعنى معلوم بما أخبر الله من قرة الأعين لكن حقيقة ذلك الشيء مجهولة، ولهذا قال ابن عباس: ( ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء ) معلوم أن في الجنة نخلاً ورماناً وفاكهةً ولبناً وعسلاً وماءً وخمراً وطيراً وما أشبه ذلك نعلم هذا ونعلم المعنى ولكن حقيقة ذلك الشيء مجهولة ولّا لا؟ مجهولة (( فلا تعلم نفس ما أخفي لهم )) ( ما أخفي لهم ) أي حقيقة ما أخفي وليس معنى ( ما أخفي ) المعنى معلوم، وقوله: (( من قرة أعين )) ما تقر به أعينهم، قرت عينه بمعنى جمدت، وقرت عينه بمعنى سكنت، فعلى الأول تكون من القُرّ وهو البرد ولهذا يقال: إن دمع السرور بارد ودمعة الحزن حارة نعم، دمعة الحزن حارة، ودمعة السرور باردة، ولهذا قال: قرت عينُه إذا سُرت، أما إذا كانت من القرار وهي أنها لا تلتفت إلى سوى ما هي تنظر إليه يعني أن عيونهم قارة لا تلتفت إلى سوى ما هي عليه، وكلا المعنيين صحيح فإن معنى قرَّت عينه أي بردت فلم يلحقها حرارة الحزن، ومعنى قرت عينك أي سكنت فلا تنظر إلى شيء سوى ما هي عليه، وهذا يكون معناه غاية الأمنِيَّة نعم.
قال الله تعالى قال المؤلف: " وفي قراءة بسكون ياء المضارع " أخفيَ هذا فعل ماض، أخفي نعم فعل مضارع أُخفي يعني أنا (( فلا تعلم نفس ما أخفي لهم )) أخفي لهم أنا يعني الله عز وجل (( من قرة أعين )) أما (( ما أخفيَ لهم )) فهو فعل ماض مبني للمجهول وفاعله مستتر جوازاً ولّا وجواباً؟ قالوا: مستتر جوازا ولّا وجوبا؟ إذا كانت أخفيَ فهو مستتر جوازاً، إذا كانت أخفيَ فهي فعل ماض وفاعله مستتر جوازاً، وإذا كانت أخفي بالسكون فهي فعل مضارع وفاعله مستتر وجوبا تقديره أنا، والمعنى على كلتا القراءتين صحيح، فالله هو الذي أخفاه حتى على المبني للمجهول (( ما أُخْفِيَ )) فإن المُخفي هو الله (( ما أخفيَ لهم من قرة أعين )).
قال: (( جزاءً بما كانوا يعملون )) ( جزاءً ) مفعول لأجله، ولكن هل المفعول من أجله هل عامله ( أخفي ) ولّا ( قرة ) الظاهر أنها ( قرة ) يعني قرت أعينهم جزاءً، وليس المعنى أخفيَ لهم جزاءً لأنه قد يقال: إن الإظهار أبلغ في الجزاء لكن من قرة أعين جزاءً نعم (( جزاء بما كانوا يعملون )) أي بالذي كانوا يعملونه في الدنيا من طاعة الله، فإن قلت: هذا يدل على أنهم يُجازون بعملهم وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( لن يدخل الجنة أحد بعمله، قالوا: ولا أنت يا رسول الله! قال: ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمته ) فما هو الجمع بين هذا الحديث وبين هذه الآية وأمثالها؟ قال أهل العلم: إن الجمع بينها باختلاف معنى الباء فالباء التي للسببية هي الموجودة في مثل هذه الآية: (( جزاءً بما كانوا )) أي بسبب ما كانوا يعملون، والباء التي للعوض هي المذكورة في قوله: ( لن يدخل الجنة أحد بعمله ) أي عوضاً عن عمله، لأننا لو أردنا المعاوضة والمقاصة لظهر العامل مغبوناً مطلوباً، لو أردنا المقاصة والمعاوضة كان العامل مهما عمل من الصالحات فهو مطلوب، نعمة واحدة من نعم الله عليه تستوعب جميع الأعمال، يقول مثلا القائل: أنا الحمد لله أصلي الصلوات الخمس وأصوم رمضان وأدفع زكاة مالي وأحج البيت، هذه منزلة للجنة صح ولا لا؟ لو أردنا أن نقارنها بنعمة من النعم...
قال الله تعالى قال المؤلف: " وفي قراءة بسكون ياء المضارع " أخفيَ هذا فعل ماض، أخفي نعم فعل مضارع أُخفي يعني أنا (( فلا تعلم نفس ما أخفي لهم )) أخفي لهم أنا يعني الله عز وجل (( من قرة أعين )) أما (( ما أخفيَ لهم )) فهو فعل ماض مبني للمجهول وفاعله مستتر جوازاً ولّا وجواباً؟ قالوا: مستتر جوازا ولّا وجوبا؟ إذا كانت أخفيَ فهو مستتر جوازاً، إذا كانت أخفيَ فهي فعل ماض وفاعله مستتر جوازاً، وإذا كانت أخفي بالسكون فهي فعل مضارع وفاعله مستتر وجوبا تقديره أنا، والمعنى على كلتا القراءتين صحيح، فالله هو الذي أخفاه حتى على المبني للمجهول (( ما أُخْفِيَ )) فإن المُخفي هو الله (( ما أخفيَ لهم من قرة أعين )).
قال: (( جزاءً بما كانوا يعملون )) ( جزاءً ) مفعول لأجله، ولكن هل المفعول من أجله هل عامله ( أخفي ) ولّا ( قرة ) الظاهر أنها ( قرة ) يعني قرت أعينهم جزاءً، وليس المعنى أخفيَ لهم جزاءً لأنه قد يقال: إن الإظهار أبلغ في الجزاء لكن من قرة أعين جزاءً نعم (( جزاء بما كانوا يعملون )) أي بالذي كانوا يعملونه في الدنيا من طاعة الله، فإن قلت: هذا يدل على أنهم يُجازون بعملهم وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( لن يدخل الجنة أحد بعمله، قالوا: ولا أنت يا رسول الله! قال: ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمته ) فما هو الجمع بين هذا الحديث وبين هذه الآية وأمثالها؟ قال أهل العلم: إن الجمع بينها باختلاف معنى الباء فالباء التي للسببية هي الموجودة في مثل هذه الآية: (( جزاءً بما كانوا )) أي بسبب ما كانوا يعملون، والباء التي للعوض هي المذكورة في قوله: ( لن يدخل الجنة أحد بعمله ) أي عوضاً عن عمله، لأننا لو أردنا المعاوضة والمقاصة لظهر العامل مغبوناً مطلوباً، لو أردنا المقاصة والمعاوضة كان العامل مهما عمل من الصالحات فهو مطلوب، نعمة واحدة من نعم الله عليه تستوعب جميع الأعمال، يقول مثلا القائل: أنا الحمد لله أصلي الصلوات الخمس وأصوم رمضان وأدفع زكاة مالي وأحج البيت، هذه منزلة للجنة صح ولا لا؟ لو أردنا أن نقارنها بنعمة من النعم...