فوائد قول الله تعالى : (( أولم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات أفلا يسمعون )) حفظ
ثم قال تعالى: (( أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ أَفَلا يَسْمَعُونَ ))[السجدة:26] يُستفاد مِن هذه الآية الكريمة استعمال ضَرْب الأمثال مِن أين تُؤْخذ؟ من قولهم[كذا]: (( أو لم يَهْدِ لهم كَم أهْلَكْنا )) يعني فإذا كنا أهلكنا مَن قبْلَهم -كَمِّلُوا- فسَيُهْلِكُهُم إذا كانوا مثلَهم، ولهذا قال الله تعالى في سورة يوسف: (( لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ))[يوسف:111].
ومن فوائد الآية الكريمة: الاستدلال بالشيء المحسوس على الشيء المعقول بقوله: (( يمشُون في مساكنهم )) أو بعبارة أخرى الاستدلال بعين اليقين على صدق علم اليقين (( كم أهلكنا مِن قبلِهم مِن القُرونِ )) هذا إيش؟ الطالب: علم اليقين.
الشيخ : علم اليقين، يمشون في مساكِنِهم هذا عَيْنُ اليقين نعم.
ومِن فوائد الآية الكريمة: جوازُ المشْيِ بدَار المعذبين ومساكِنِهم مِن أين نَأْخُذُه؟ قال: (( يمشون في مساكِنِهم )) طيب هل ذِكْر الخبر عن الشيء يفيد حِلَّه؟ لا ما يُفِيد، الحقيقة أنه لا يفيد يعني كَوْن هذا هو الواقع يمشون في مساكِنِهم ما يدل على أنَّ هذا المشي مأذون فيه، أخبَرَ النبي صلى الله عليه وسلم أن الظَّعِينة تَمْشِي من حضرموت إلى عدن أو إلى صنعاء - نَسِيت - لا تخشى إلا الله، والظعينة وحدَها حَرام تمشي ولّا لا؟ حرام وقال صلى الله عليه وسلم: ( لتركبن سنن من كان قبلكم اليهود والنصارى ) وهذا حرام ولّا حلال؟
الطالب: حرام.
الشيخ : حرام، فالإخبار عن كونهم يمشون في مساكنهم ما يدل على أن الـمَشْي حَلَال، لكن هل يدل على أنه حرام؟ لا يدل على أنه حرام لا على أنه حلال ولا على أنه حرام، فنرجِع إذًا إلى الأَدِلَّة الدالة على ذلك على التحليل أو التحريم، نجد أن الأدلة تدل على أن السير فيها جَائز وأما السُّكْنى فلا تجوز، ومع ذلك فقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام: ( لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا ) واضِح؟ فالإنسان اللي يَقْصِدُها نقول: لا تدْخُلْها إلا بَاكِي، وأما الذي يمُرُّ بها مروراً فله أن يمر ولكن يُسرع كما أسْرَع النبي عليه الصلاة والسلام، أما الذهاب إلى هذه المساكن مِن أجل أن يَتفرج ويقول: ما شاء الله والله حَضارة عظيمة هذه شُوف الحضارة القديمة هل يوجد في الحَضَارَةِ الجديدة مثلها، نعم ويُشَمُّ من كلامه تعظِيم هؤلاء فهذا من السير في الأرض المأمُور به تُوافقون؟ لا، لا نُوَافِق، هذا مِن السَّيْر في الأرض المَنْهِي عنه لأنه كَوْنُنا نَدْخُل على هؤلاء نَتَفَرَّج منبَسِطِين مُنْبَهِرِين بقُوَّتِهِم مُتناسِين ما وقع بهم مِن العذاب مِن مخالَفَتِهم أمْرَ الله ورُسُلِهم هذا مذموم وليس محموداً ولا مأموراً به، وعليه فنقول: لكل مَن أراد أن يذهب إلى هذه البلاد: إِن كُنْتُمْ فعلتم ذلك على سبيل النزهة فهذا حرام عليكم، أما على سبيل الاعْتِبَار والاتِّعَاظ بما جَرى لهم مِن العذاب والنكال وأن تتأثروا بذلك حتى تبْكُوا فهذا جائز، وإلا فلا تَدْخلوا لا تُعَرِّضُوا أنفسَكم للعذاب نعم.