تفسير قول الله تعالى : (( ولا تطع الكافرين والمنافقين )) حفظ
((اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ ))" فيما يخالف شريعتك " ((وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ )) عطف. عطف قوله ولا تطع على اتق الله من باب عطف الخاص على العام لأن ترك طاعة هؤلاء من تقوى الله عز وجل فيكون عطف على التقوى من باب عطف الخاص على العام وهذا كثير في القرآن والسنة وكلام العرب ((وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ )) الكافر هو الذي صرح بكفره وأعلنه وأما المنافق فهو الذي أخفى كفره وأظهر أنه مؤمن فمن اين اشتق الكفر أو الكافر ؟يقولون إن الكفر في الأصل الستر ومنه الكفرّة وهو غلاف الطلع لأنه يستره هذا في الأصل وسمى الذي لا يؤمن بالله كافرا لأنه ستر نعمة الله عز وجل وجحد شريعته فصار بذلك ساتر للحق وساترا للنعمة التي أنعم الله بها عليه وأما النفاق فإنه مأخوذ من نافقاء اليربوع. اليربوع دويبة المعروفة تتخذ بيتا في الأرض وتحفر الجحر وتجعل له بابا وتجعل في آخره بابا مغلقا بشيء من التراب بمعنى أنها تحفر إذا انتهت إذا وصلت إلى منتهى الحجر حفرت إلى أن يبقى عليها شيء قليل من طبقة الأرض بحيث إذا دفعته برأسها أو إذا دفعه برأسه انفتح هذه هي النافقاء. لماذا يصنع ذلك؟ لأجل إذا حجر من باب الجحر خرج من هذا فهكذا المنافق إذا خوطب بالإيمان قال إنه مؤمن فتخلص كما أنه إذا أتى إلى قومه يقول إنه كافر فيتخلص من ملامة هؤلاء يرحمك الله وملامة هؤلاء (( وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ )) معلوم أن الرسول عليه الصلاة والسلام لا يمكن أن يطيع الكافر لكن الذي قد يمكن أن يطيع المنافق لأن المنافق لا يحس بنفاقه وكفره ولا يعلم عنه فقد يغتر به الإنسان فلهذا قدم الله الكافرين هنا على المنافقين مع أنه في باب الوعيد يقدم المنافقين على الكافرين قال الله تعالى: (( ... إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا )) (140) سورة النساء. وقال تعالى: (( لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ ... )) (73) سورة الأحزاب. (( وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ )) يقول المؤلف فيما يخالف شريعتك هذا القيد يقتضي تخصيص النهي مع أن النهي مطلق ((وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ )) فما الذي حمل المؤلف على أن يقيده بما يخالف الشريعة؟ حمله على ذلك لأنه لو فرض أن الكافر أو المنافق أمر بما يوافق الشريعة لكان لزاما علينا أن نطيعه لا لأنه أمر ولكن لأن هذا مقتضى الشريعة. هذا وجه، ووجه آخر أن يقال: إن تقييد المؤلف ذلك بيان للواقع لأن الكافر والمنافق لعداوتهما لشريعة النبي صلي الله عليه وسلم لا يمكن أن يأمر إلا بما يخالف الشريعة فيكون هذا القيد بيانا للواقع والقيد الذي يكون بيانا للواقع لا يقيد لأنه لا يراد وأظن أن في ذلك أمثلة مرت علينا كثيرا فمن يأتي بمثال يكون فيه القيد بيانا للواقع وغير مراد هه ؟ إلى شيء لا ينفعهم ولكن هذا بيان للوقع وقوله تعالى: (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )) (21) سورة البقرة. فإن قوله: (( الذي خلقكم والذين من قبلكم )) قيد مبين للواقع وليس المعنى أن هناك ربا لم يخلق وربا خلق واضح الأمثلة في هذا كثير فهنا يمكن أن نحمل كلام المؤلف في قوله " فيما يخالف شريعتك " على أنه بيان للواقع وهو أن الكافر والمنافق لا يمكن أن يأمر إلا بما يخالف الشريعة لأن الكافر كافر بها والمنافق أيضا كافر بها لكنه يظهر الإيمان