تابع لتفسير قول الله تعالى : (( هو أقسط عند الله )) حفظ
وقرأها بعضهم اسم الفاعل هو قاسط عند الله يعني هو العدل عند الله عز وجل وإنما لجأ لذلك لأن المعروف أن اسم التفضيل يشترك في أصل معناه المفضل والمفضل عليه فإذا قلت فلان أشجع من فلان فكلاهما شجاع لكن هذا أشجع فهنا إذا جعلنا اسم التفضيل على بابه وقلنا دعاؤهم لآبائهم أقسط عند الله من دعائهم لمن تبناهم صار في دعائهم لمن تبناهم عدل صار فيه عدل مع أنه لا عدل فيه ولذلك قال بعض المفسرين إن أفعل التفضيل هنا إنه بمعنى اسم الفاعل حتى لا يكون في الطرف الثاني منه شيء وقال بعض المفسرين هو على بابه واللغة العربية تأتي باسم التفضيل دائما فيما ليس في الطرف الآخر منه شيء ومن قوله تعالى : (( أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا ))[الفرقان :24](( خير مستقراً )) مع أن أصحاب النار لا خير في مستقرهم وعلى هذا فنقول إبقاء الآية على ظاهرها يكون أولى فإذا قيل ذلك فإنه يرد علينا سؤال لماذا عبر بأفعل التفضيل في طرف ليس في الطرف الآخر منه شيء ؟ قلنا لبيان أن هذا غاية ما يكون من العدل انتبه فتكون فائدتها أن دعاءهم لآبائهم هو أعدل شيء وهو غاية ما يكون من العدل فاسم التفضيل باعتبار المعنى أي أن هذا أعدل شيءٍ وكلمة (( أقسط )) اسم تفضيل من الثلاثي ولا من الرباعي ؟ من الثلاثي لأن اسم التفضيل ما يصرف إلا من الاسم الثلاثي " وصغهما من ذي ثلاث صرفت "نعم ثم إن الرباعي من هذه المادة ليس بمعنى العدل بل بمعنى الجور كذا الرباعي بمعنى الجور انتبه الرباعي بمعنى الجور إذا ً بالعكس القاسط هو الجائر والمقسط هو العادل يا ولد قال الله تعالى : (( وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا ))[الجن :15] وقال تعالى : (( وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ))[الحجرات :9]إذا ً يرد علينا إشكال في مسألة (( أقسط )) هنا (( هو أقسط )) فنقول في الجواب عنه إن في هذا دليلا ًعلى صحة مذهب الكوفيين الذين يقولون بجواز صيغة اسم التفضيل من غير الثلاثي يقولون (( أقسط )) من باب الإقساط يعنى أن ذلك أعدل وقوله : (( عند الله )) يعني في حكمه لأن الحكم حكم الله عز وجل يضاف إليه وهذا نظير قوله تعالى في الذين يرمون المحصنات يقول : (( فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُوْلَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ ))[النور :13] شوف تأمل قوله : (( فَأُوْلَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ )) إننا انتقلنا الآن عن الآية إذا قذف رجل امرأة بالزنا فهو باعتبار الواقع قد يكون حقاً وقد يكون كذباً يعني قد يكون حقا ًأنها زنت وقد يكون كذباً لكنها في حكم الله
الطالب:...
الشيخ : لا في حكم الله كذب ولهذا قال : (( فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُوْلَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ )) ما قال فأولئك هم الكاذبون لأنه قد يكون حقيقة باعتبار الواقع لكن في شرع الله كاذبون (( فَأُوْلَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ )) ولهذا يجب عليهم حد القذف إذا لم يأتوا بأربعة شهداء .