فوائد قول الله تعالى : (( واتبع ما يوحى إليك من ربك إن الله كان بما تعملون خبيرا )) حفظ
وهي وجوب تقديم الوحي على الرأي لقوله : (( واتبع ما يوحى إليك )) فإن هذا الخطاب موجه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وإلى أمته بالأولى فيفيد وجوب تقديم الوحي على الرأي وتقديم الرأي على الوحي له أقسام منها ما يصل إلى الكفر ومنها ما دون ذلك فالذين يقدمون الرأي على الوحي مع علمهم بالوحي معتقدين أن غير الوحي مساويٍ له أو أكمل منه أو أنه يجوز الحكم بالرأي المخالف للوحي مع العلم به هؤلاء يعتبرون كفاراً في هذه الأحوال الثلاث إذا اعتقدوا أن الرأي أكمل وأنفع من الوحي أو أنه مساويٍ له أو أنه يجوز تقديمه على الوحي مع العلم به فهؤلاء كفاراً لأنهم حكموا بغير ما أنزل الله (( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ))[المائدة :44]وأما من قدموه بتأويل ظناً منهم أن ذلك لا يخالف الوحي أو أنه طريق يوصلهم إلى الوحي فهؤلاء لا يصلون إلى درجة الكفر وذلك مثل كثير من المتعصبين للمذاهب فإنهم لا يرون أن هذه المذاهب خارجة عن الوحي وإنما يرون أن ذلك طريق إلى العمل بالوحي ويقولون هذا إمامنا أعلم منا وأفهم فنتبعه ونتهم رأينا بالنسبة إلى رأيه وإلا فنحن متمسكون بشريعة الله ومحكمون لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم هؤلاء نقول إنهم إذا تبين لهم الحق وجب عليهم اتباعه ولو خالف متبوعهم من الأئمة وذلك لأن الحق لا يخطئ والأئمة يخطئون ولا يمكن أن ندعي العصمة لأحد من البشر إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يدعي العصمة إلا رجل ضال الذي يدعي العصمة لغير الرسل رجل ضال كما يفعل الرافضة بأئمتهم وهذا ضلال بين لأن أئمتهم قد يخطئون كما يخطئ غيرهم نعم وقد مر علينا ما وقع لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو إمام الأئمة بالنسبة لأولئك القوم أنه أخطأ لما أعطاه النبي عليه الصلاة والسلام حلة من حرير فلبسها فقال : (( إنني ما أعطيتكها لتلبسها وإنما تعطيها لفاطمة )) وكذلك ما هو مشهور عنه من أن المرأة إذا كانت حاملا ًوتوفي عنها زوجها فإنها تعتد بأطول الأجلين وهذا مخالف للسنة الصحيحة الصريحة والحاصل أننا نقول إن في الآية الكريمة (( وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ))[الأحزاب :2] وجوب تقديم الوحي على الرأي وأنه يجب الحكم بما جاء به الشرع مطلقاً سواء خالف رأي متبوعيك أم لم يخالف فيها