تفسير قول الله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم )) حفظ
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ )) [الأحزاب :9] هنا صدر الله عز وجل هذا الأمر بالنداء المتصل في المنادى به بالإيمان فأولاً تصدير الخطاب بالنداء يدل على الاهتمام به لأن النداء يوجب الانتباه فلذلك إذ وجدت مثل هذا التعبير فاعلم أن الأمر هام ثم إن توجيه الخطاب والنداء إلى من اتصفوا بالإيمان يدل على أن هذا من مقتضيات الإيمان لأنه لا يوجه الخطاب لموصوف بصفة إلا أن ذلك من مقتضيات صفته فإذا قلت يا رجل افعل كذا وكذا فمعنى هذا أن المأمور به من صفات للرجال إذا قلت يا مؤمن افعل كذا وكذا فمعنى هذا أن المأمور به من صفات المؤمنين إذاً توجيه النداء إلى من اتصفوا بالإيمان يدل على ما يوجه إليهم من مقتضيات الإيمان ثم إن في وصفهم بالإيمان إغراءً لقبول ما وجه إليهم لأني إذا قلت يا مؤمن معناه أني أغريك على أن تقبل إذ أن الإيمان يقتضي أن تقبل ففيه إغراء على قبول ما أمر الله به قال ابن مسعود رضي الله عنه " إذا سمعت الله يقول يا أيها الذين آمنوا فارعها سمعك يعني استنى لها فإما خير تؤمر به وإما شر تنهى عنه " وقد اجتمع الأمران في قوله تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ ))[الحشر18 :19](( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا )) الخطاب هنا عام الخطاب يعني المخاطب عام موجه لأناس موصوفين بالإيمان هل يختص بالمؤمنين في زمن النزول أو هو عائد إلى كل المؤمنين ؟ هو شامل لكل المؤمنين إذ أن الله تعالى إذا أنعم على سلف الأمة بنعمة فهو نعمة على الأمة كلها ولهذا يذكر الله تعالى بني إسرائيل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم بماذا ؟ بنعم أنعم بها على بني إسرائيل في عهد موسى لأن الطائفة واحدة ولا شك أن نعمة الله عز وجل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى أصحابه أنه نعمة عليهم وأن نصر الله له ودفاعه عنه نصر لنا ودفاع عنا (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عليكم )) (( نعمة الله )) عام لأنه مفرد مضاف سيعم والشاهد على أن المفرد المضاف يعم قوله : (( وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا ))[إبراهيم :34]فليس المراد نعمة واحدة بل نعم كثيرة لا تحصى وقوله : (( نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ )) أي إحسانه وفضله