تفسير قول الله تعالى : (( ويستأذن فريق منهم النبي يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا )) حفظ
ثم قال الله عز وجل بناء على هذا الأمر وأنه لا مقام لهم قال : (( وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ )) هؤلاء أهون من الأولين لأن الأولين دعوا إلى الفرار بدون استئذان قالوا يا عبد الوهاب (( لا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا )) أما هؤلاء فانهم يستأذنون النبي صلى الله عليه وسلم ولكن استئذانهم للرسول عليه الصلاة والسلام ليس كاستئذان المؤمنين الذين كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه لكنهم يستأذنون خداعاً وتمويهاً ولهذا يقول : (( وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ )) أي من المنافقين ، النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرجوع يقولون : (( يَسْتَأْذِنُ )) بمعنى يطلب الإذن لأن استفعل تأتي كثيراً بمعنى طلب الشيء ومنه استغفر طلب المغفرة واستعتب طلب العتب والعظة وقوله : (( يقولون )) الجملة إما أنها حال من (( فريق )) يعني حال كونهم يقولون وإما أن تكون عطف بيان أو بدلاً من قوله : (( يستأذن )) وكلاهما له وجه أما على قولنا إنها حال فلأن النكرة هنا وصفت والنكرة إذا وصفت تخصصت فجاز وقوع الحال منها أليس هذا يا حيدر ؟ وأما على قولنا بأنها بدل أو عطف بيان فعلى حد قول ابن مالك رحمه الله ياللا يا أصحاب حفظ الألفية ماذا قال ؟
"ويبدل الفعل من الفعل كمن يصل إلينا يستعن بنا يعم "
الله يخلف على التعب اللي هذا حصيلة إذاً يجوز فيها وجهان أن تكون بدلاً من قوله : (( يستأذن )) وأن تكون عطف بيان مثل البدل وأن تكون حالاً من فاعل (( يستأذن )) (( يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ )) قال غير حصينة يخشى عليها يقولوا للرسول عليه الصلاة والسلام في مبرر الاستئذان (( إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ )) ونخشى عليها من العدو والعورة هنا يعني غيرة حصينة لأن الحصن يحميها ويسترها كما يستر الثوب عورة الرجل فهذا معنى قولهم إنها عورة يعني مكشوفة لا يمكن أن نأمن من هجوم العدو عليها وفي قراءة لكنها غير سبعية (( عَِورَة )) بكسر الواو أي معيبة قال الله تعالى مبطلاً دعواهم (( وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ )) (( إِنْ )) ما (( يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا )) هنا ينبغي الوقوف على قوله : (( إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ )) لأنك لو وصلت لأوهم أن قوله : (( وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ )) من قول المنافقين فيكون في ذلك تناقض وفساد للمعنى فتقف (( يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ )) ثم تستأنف القراءة وتقول : (( وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ ))