تفسير قول الله تعالى : (( ليجزي الله الصادقين بصدقهم )) حفظ
قال الله عز وجل : (( لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ )) (( لِيَجْزِيَ )) اللام هذه للتعليل يعني أن الأمر يقع ذلك على الوفاء وعلى النقض على الوفاء ممن ؟ من المؤمنين وعلى النقض من المنافقين وقع هذا (( لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ )) ولولا اختلاف الناس في الأعمال ما اختلفوا في الجزاء ولولم يختلفوا في الجزاء ما كان لخلق الجنة والنار فائدة ولهذا قال الله تعالى : (( وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ))[هود :119]فالله عز وجل حكيم خلق الجنة وخلق لها سكانها وخلق النار وخلق لها سكانها وسكان هذه وهذه لا بد أن يكون لهم أعمال يقومون بها حتى يستحقوا أن يكونوا من أهلها وقوله : (( لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ )) الباء هنا للسببية وليست للعوض لأن الجزاء على الأعمال ليس من باب المعاوضة ولكنه من باب قرن المسبب بسببه لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( لن يدخل أحد الجنة بعمله ) فالأعمال الصالحة أسباب وإلا فلو أن الله عز وجل أراد أن يعاوضنا على أعمالنا معاوضة بمعنى المعاوضة لكان لو قابلنا بنعمة واحدة من نعمه علينا ما قابلت كل أعمالنا وما قابلتها كل أعمالنا ولكن إن الأعمال سبب هو قوله : (( بِصِدْقِهِمْ )) إذا كان الجزاء بالصدق فسيكون على حسب ذلك الصدق فالذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه يكون جزاؤهم على صدقهم بحسب ما قاموا به فإذا كانوا أطوع لله عز وجل وأشد تنفيذاً لأوامره وأكثر فعلاً لطاعته صار جزاؤهم أكثر والعكس بالعكس