تفسير قول الله تعالى : (( يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا )) حفظ
قال الله عز وجل : (( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ )) (( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ )) الخطاب هنا وجهه الله عز وجل بعد أن وجهه لرسوله وجهه إلى نسائه فقال : (( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ )) وهذا بعد التخيير يدل على أن الزوجية استقرت لزوجات النبي صلى الله عليه وسلم ولهذا خاطبهن بقوله : (( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ )) هذه (( لستن )) أصلها ليس لكنه لما سكنت السين حذفت الياء لأنها حرف لين وحرف اللين عند التقاء الساكنين يحذف كما قال ابن مالك رحمه الله في الكافية
" إن ساكنان التقيا اكسر ما سبق وإن يكن لينا فحذفه استحق "
(( لستن كأحد )) يعني أن زوجات الرسول عليه الصلاة والسلام لسن كأحد يقول المؤلف " كجماعة من النساء " وقوله كجماعة من النساء فيه نظر لأن أحد تطلق على الفرد يعني ليس هناك أحد من النساء مثلكن (( لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ )) أي لا تشبهن أحداً واحدةً فأكثر من النساء وقوله : (( من النساء )) أي سواكن (( إِنِ اتَّقَيْتُنَّ )) الله فإنكن أعظم يعني لستن كأحد من النساء إن اتقيتن هذا المراد بالشرط الحث والإغراء على التقوى يعني إن كنتن متقيات لله حقيقة فلا تقسن أنفسكن بغيركن فلستن كأحد من النساء لماذا ؟ لما لهن من المزية في الاتصال برسول الله صلى الله عليه وسلم فكان عليهن من حماية فراشه أعظم مما على غيرهن من حماية فرش أزواجهن لماذا ؟ لعظم حق النبي صلى الله عليه وسلم وعلو مرتبته وقوله : (( إن اتقيتن )) المراد بالشرط هنا الحث والإغراء على تقوى الله عز وجل حتى لا يقسن أنفسهن بغيرهن فالفرق عظيم بين فراش النبي صلى الله عليه وسلم وفراش غيره ولهذا من قذف زوجة من زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم بالزنا كان كافراً ومن قذف زوجة غيره لم يكن كافراً لأن قذف زوجة من زوجات الرسول عليه الصلاة والسلام معناه الطعن في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه والعياذ بالله خبيث فإن الله يقول : (( الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ ))[النور :26]فعلى هذا تكون حماية فراش النبي صلى الله عليه وسلم أعظم وجوباً من حماية فراش غيره ولهذا قال : (( لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ )) (( فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ )) للرجال (( لا تخضعن )) الخضوع بمعنى التطامن والذل والخنوع فالمعنى لا تتطامن ولا تذللن ولا تخنعن لأحد من الرجال بالقول يعني لا يكون قولكن في مخاطبة الرجال رقيقاً وضيعاً هيناً لماذا ؟ لأن المرأة فتنة فإذا خضعت بالقول دب الشيطان بينها وبين الرجل الذي يخاطبه مهما كان الإنسان من شرف ومن نزاهة فإن المرأة إذا خاطبته بصوت خاضع فإنها قد تغره ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن ) الرجل الحازم الفطن الكيس لا أحد يذهب لبه أي عقله مثل ما تذهبه المرأة ولهذا قال : (( فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ )) بل يجب على المرأة أن تكون عند مخاطبة الرجال من أبعد ما يكون عن الخضوع بالقول ولين القول وظرافته بحيث تؤدي إلى هذا الأمر العظيم وهو قوله : (( فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ )) (( يطمع )) في ماذا ؟ يطمع فيكن إما بفعل فاحشة أو بالتمتع والتلذذ بخطابهن فإن الإنسان الذي في قلبه مرض إذا خضعت له المرأة بالقول فإنه يستمر معها في مخاطبتها حتى يغريه الشيطان وربما يحصل بعد ذلك موعد ولقاء وفاحشة كما يوجد كثيراً من السفهاء الآن تجد والعياذ بالله ولا سيما بعد وجود هذه الهواتف تجده يفتح مثلاً أي نمرة تكون فإذا خاطبته امرأة بدأت معها بالكلام اللين الخاضع حتى يغريه الشيطان يغريه بها ويغريها به ولهذا قال : (( فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ )) قال المؤلف "نفاق " والصواب أن المراد بالمرض هنا مرض الشهوة والتمتع لا مرض النفاق لأن بعض المنافقين قد لا يكون في نفوسهم هذا الشيء كما أن بعض المؤمنين قد يكون في قلوبهم هذا الشيء فالمراد بالمرض هنا مرض التمتع والتلذذ بصوت المرأة (( فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ )) (( وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا )) (( قلن )) فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك كذا لاتصاله بنون النسوة ، نون النسوة ضمير الرفع المتحرك نعم إيش تقول يا إبراهيم ؟
الطالب : فعل أمر
الشيخ : فعل أمر ، ما هي فعل ماض مع إنك لو قلت النساء قلن كذا وكذا صار فعل ماض لكن إذا وجهت الأمر إليهن فقلت قلن قولاً معروفاً ، لما نهاهن سبحانه وتعالى عن الخضوع بالقول أمرهن بأن يقلن قولاً معروفاً لئلا يظن ظانٌ أن المرأة لا تخاطب الرجل مطلقاً وليس كذلك بل المرأة مخاطبتها للرجال جائزة لكن بالقول المعروف (( وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا )) من غير خضوع وما المراد بالمعروف هل المراد بالمعروف المتعارف عليه بين الناس من مخاطبة الرجال والنساء أو المراد بالمعروف ما ليس بمنكر ؟ المراد الأخير لأن الأول لو قلنا إنه ما يتعارف الناس عليه من الخطاب بين الرجل والمرأة لكان هذا خاضعاً لاختلاف الأعراف فيوجد مثلاً من الناس من عرفهم أن المرأة تخاطب الرجل وتضحك إليه وتمازحه كما يوجد الآن في كثير مع الأسف من بلاد المسلمين المرأة مع الرجل الأجنبي الذي لا تعرفه تجدها تقف معه وتمازحه وتضحك كأنما تخاطب زوجها والعياذ بالله وهذا لاشك أنه حرام وأنه دعوة إلى الفجور إذاً المراد بالمعروف ما ليس بمنكر يعني ما عرفه الشرع وأقره ، من الكلام الذي يكون بعيداً عن الخضوع في القول وعن التمتع والتلذذ به وقوله : (( وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا )) (( قولاً )) هذه مصدر و (( معروفاً )) صفته فهي مبينة لنوع هذا القول وهو أنه القول المعروف لا القول المنكر.