تابع لتفسير قول الله تعالى : (( واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة )) حفظ
سوى لحافها فإن زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم ما كان ينزل الوحي على الرسول فيه وهو في لحافهن إلا عائشة وقوله : (( مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ )) (( يتلى )) بمعنى يقرأ والتلاوة نوعان تلاوة لفظية وتلاوة معنوية فإذا قلت تلا كتاب الله حتى أكمله فالمعنى لفظية وإذا قلت سجدة التلاوة فهي التلاوة ايش ؟ اللفظية أما التلاوة المعنوية فهي اتباع القرآن تلاه يتلوه إذا اتبعه والتلاوة المعنوية بمعنى اتباع القرآن في عقائده في أخلاقه في أعماله هذه التلاوة أيهما المقصود الأعظم ؟ المقصود الأعظم هو التلاوة المعنوية ، التلاوة اللفظية لا شك أنها مقصودة وأن من قرأ حرفاً من كتاب فله به عشر حسنات لكن المهم هي التلاوة المعنوية (( كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ ))[ص :29]ولذلك فإن عيسى لما لم يكن معه كتاب إذاً أخطأت لما كان معه كتاب فسيكون إن شاء الله تعالى من الذين يتلون كتاب الله نعم (( مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ ))(( آيات الله )) لاشك أنه القرآن كما قال الله تعالى : (( بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ))[العنكبوت :49]فالآيات آيات الله هو القرآن والآيات هنا المراد بها هنا الآيات الشرعية فإن آية الله سبحانه وتعالى تنقسم إلى قسمين :
آيات كونية : وهي ما خلقه الله تعالى ويخلقه في هذا الكون فإن كله آيات علامات على خالقه عز وجل لما فيه من بديع الصنعة والنظام الحكيم البالغ الذي لا يتناقض ولا يتنافر ولهذا قال الله عز وجل : (( مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ))[المؤمنون :91]وإذا ذهب كل إله بما خلق لم يكن الكون منتظماً لأن كل إله يخلق على ما يريد ثم لابد من علو أحدهما على الآخر لأنهما إن تمانعا وعجز كل واحد منهما عن الآخر لم يصح أن يكونا إلهين وإن غلبا أحدهما الآخر فالمغلوب لا يصح وحينئذ تكون الدلالة العقلية على أنه لابد من إله واحد فقط وهو الله سبحانه وتعالى المهم أن الآيات الكونية كل ما يخلقه الله في الكون .
أما الآيات الشرعية : فهي ما جاءت به الرسل من الوحي وسميت آيات يا عيسى لأنها علامات على مشرعها ومنزلها لما فيها من انتظام المصالح وانتفاء المفاسد فإن الشرع كله تحصيل للمصالح وتقليل للمفاسد ولذلك ما من شيء يتضمن مصلحة راجحة أو خالصة إلا أمر به الشرع وما من شيء يتضمن مفسدة خالصة أو راجحة إلا نهى عنه الشرع لكن من المصالح ما ندركه بعقولنا ومن المفاسد ما ندركه بعقولنا ومنه مالا ندركه ولكننا نعلم علم اليقين أن مقتضى حكمة الله عز وجل ومن أسمائه الحكيم أنه لا يمكن أن يأمر إلا بما فيه مصلحة إما خالصة وإما راجحة ولا ينهى إلا عما فيه مفسدة إما خالصة وإما راجحة ولهذا سميت الكتب النازلة من السماء سميت آيات لأنها علامات على من شرعها سبحانه وتعالى وعلى من أنزلها (( أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا ))[النساء :82]ما يجدون اختلاف مرة أو مرتين أو ثلاثاً اختلافاً كثيرا وتناقضاً كثيراً