تفسير قول الله تعالى : (( والخاشعين والخاشعات ... )) حفظ
(( وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ )) يقول المؤلف " المتواضعين " هذا مبتدأ درس اليوم الخاشع المتواضع المتطامن وضده المتعالى المستكبر فالخشوع إذاً تطامن وخضوع وتواضع هو من أعلى مراتب الإيمان ومن أكمل أحوال القلب والخشوع له مواضع منها الخشوع في الصلاة فسره الفقهاء بأنه سكون في القلب يتبين على الجوارح وبعضهم قال معنىً في النفس يظهر منه خشوع الأطراف فهو في القلب ويظهر أثره على الجوارح ولهذا يروى عن عمر رضي الله عنه أنه رأى رجلاً يعبث بلحيته وهو يصلي فقال" لو سكن قلب هذا لسكنت جوارحه " وقد روي مرفوعاً ولا يصح وإنما هو عن عمر على ما فيه من ضعف عنه فالخشوع في الصلاة هو سكون القلب الذي يظهر أثره على الجوارح أو معنىً يقوم في النفس يظهر منه سكون الأطراف وهناك أيضاً خشوع في بقية الطاعات بأن يؤديها الإنسان وهو متواضع متطامن لله عز وجل ومنه ما حصل لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين فتح مكة وانتصر على أهلها فإنه عليه الصلاة والسلام لم يدخل دخول العالي المستكبر وإنما دخل مطأطئ رأسه صلى الله عليه وسلم خاضعاً لله تبارك وتعالى ومنه أيضاً الخشوع في الحج والعمرة حيث يؤديها الإنسان بتطامن وذل وهو يعتقد أنه يعبد الله فأنت إذا دخلت في العمرة والحج فاعتقد أنك في عبادة من حين أن تقول لبيك اللهم لبيك إلى أن تنتهي ولكننا مع الأسف الشديد لا نشعر بهذا فتجد الإنسان يتلبس بمحظورات الإحرام وبغيرها من المحرمات إلا إن يشاء الله أو إلا من شاء الله إذاً الخشوع يشمل جميع الطاعات بأن يؤديها الإنسان بتواضع وذل وتطامن ليس في قلبه استكبار ولا علو ولا فرق في هذا بين أن يكون الخشوع في أثناء العبادة أو بعد فعل العبادة أيضاً لأن من الناس من يخشع في العبادة لكن إذا انتهى منها رأى نفسه في درجة عالية وأنه مرتفع وأنه قد نال درجة ما نالها غيره وهذا من الإعجاب بالنفس وبالعمل فالإنسان ينبغي له إذا أدى العبادة أن يكون كما قال الله عز وجل : (( قلوبهم وجلة )) إن رأوا إلى تقصيرهم خافوا وإن رأوا إلى فضل الله طمعوا