تفسير قول الله تعالى : (( تحيتهم يوم يلقونه سلام وأعد لهم أجرا كريما )) حفظ
ثم قال تعالى : (( تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ )) (( تحيتهم )) الضمير يعود على المؤمنين والتحية معناها الدعاء بالبقاء فإذا قال حياك أي دعا لك بالبقاء ثم صارت اسماً لما يستقبل به الضيف أو الداخل أو ما أشبه ذلك مما يدل على الإكرام فالتحية إذاً في الأصل إيش ؟ الدعاء بالبقاء والحياة ثم نقلت في العرف إلى كل ما يحيا به المرء ويستقبل به من عبارات التكريم فتحيتهم أي تحية المؤمنين (( يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ )) يلقون من ؟ الله ، يوم يلقون الله وذلك يوم القيامة سواء كان في عرصات القيامة أو كان بعد دخولهم الجنة فتحيتهم حينئذ (( سلام )) قال المؤلف " بلسان الملائكة " يعني أن الملائكة هم الذين يسلمون على هؤلاء بأمر الله فإذا سلموا على هؤلاء بأمر الله صار كأن المسلم هو الله ولكن هذا صرف للآية عن ظاهرها فإن ظاهر الآية أن الذي يسلم هو الله عز وجل وإذا كان السلام من الله فهو خبر محض وليس دعاءً لأن الله تعالى لا يدعو أحداً ولكن يخبر بأن بالسلام الدائم الذي لا يعتريه أي نقص أو أي خوف أما إذا كان من الملائكة فإنه يحتمل الخبر ويحتمل الدعاء (( وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ))[الرعد:24]إنما الصواب بلا شك أن هذا السلام من الله لأنه يقول : (( تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ )) الملاقى هو الذي يسلم وهو الذي يحيي هؤلاء ولا شك أن الرب عز وجل إذا قال لهم سلام عليكم بيذهب عنهم كل خوف ولهذا تسمى الجنة دار السلام كما قال تعالى : (( وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ))[يونس:25]لأنها دار سالمة من كل آفة لا فيها مرض ولا فيها موت ولا فيها هرم ولا فيها نقص في الرزق بل فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر كما قال عز وجل : (( فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ))[السجدة:17](( تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا )) يقولون التحلية بعد التخلية يعني تحلية الماء بعد أن نخليه من الجراثيم كذا إيش المعنى ؟ التحلية يعني إلباس الحل بعد التخلية ، أولاً نقش الماء وأزل عنها العيوب والوسخ وبعدين حلها ، لا تحليها وكلها أوساخ ما يناسب إذاً لما قال : (( سلام )) أي من الآفات ذكر بعد ذلك (( وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا )) وهذا تحلية بعد تخلية حين أخبرهم أنهم سالمون من كل آفة بين أنه أعد لهم أجراً كريماً قال المؤلف " هو الجنة " والأجر بمعنى الثواب وهو ما يعطى الأجير في مقابلة عمله ويسمى أجراً ويسمى أجرةً ولكن سبق لنا مرات كثيرة أن أجر العاملين على عملهم ليس من باب المعاوضة لأنه لو كان من باب المعاوضة لكان نعمة واحدة من نعم الله على العبد تستوعب جميع عمله بل لو كان على سبيل المعاوضة لكان توفيقك للعمل نعمة يحتاج إلى أجر ولهذا قال بعضهم :
" إذا كان شكري نعمة الله نعمة عليّ له في مثلها يجب الشكر
فكيف بلوغ الشكر إلا بفضله وإن طالت الأيام واتصل العمر "
وثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال : ( لن يدخل الجنة أحد بعمله قالوا ولا أنت يا رسول قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته ) إذاً فالعمل بماذا نصفه إذا لم يكن عوضاً نصفه بأنه سبب وليس بعوض ولهذا صرح الله سبحانه وتعالى في عدة الآيات بأن الثواب هذا جزاء بما كانوا يعملون أي بسبب ما كانوا يعملون فالباء للسببية في قوله : (( جزاء بما كانوا يعملون )) والباء للعوض في قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( لن يدخل الجنة أحد بعمله ) وبهذا يجمع بين النصين (( وأعد لهم أجراً كريماً )) الأجر هو الكريم ولا الكريم هو المتفضل بالأجر ؟ يجب أن نعلم أن الكريم يطلق على الجواد الباذل للمال ويطلق على الشيء الحسَن ومنه قوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ ( إياك وكرائم أموالهم ) يعني الحسنة فقوله : (( أجراً كريماً )) أي حسناً فما وجه كرم هذا الثواب أو هذا الأجر ؟ أن الله جعل الحسنة بكم ؟ بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة هذا من وجه ، ومن وجه آخر أن مدة بقاء الإنسان في الدنيا كم بالنسبة للآخرة ؟ ليس بشيء إطلاقاً ولا ينسب ، الرسول عليه الصلاة والسلام يقول ( لموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما فيها ) الدنيا اللي أنت فيها ولا الدنيا اللي قبلك ولا بعدك ؟ اللي قبلك بعدك واللي أنت فيها ، موضع السوط والسوط كما تعرفون حوالي متر خير من الدنيا وما فيها إذاً فكرم هذا الثواب يعني لا ينسب إلى العمل أو بالأصح لا ينسب العمل إليه لأنه كرم واسع لا نهاية له (( خالدين فيها أبداً )) اللهم اجعلنا وإياكم منهم .
" إذا كان شكري نعمة الله نعمة عليّ له في مثلها يجب الشكر
فكيف بلوغ الشكر إلا بفضله وإن طالت الأيام واتصل العمر "
وثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال : ( لن يدخل الجنة أحد بعمله قالوا ولا أنت يا رسول قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته ) إذاً فالعمل بماذا نصفه إذا لم يكن عوضاً نصفه بأنه سبب وليس بعوض ولهذا صرح الله سبحانه وتعالى في عدة الآيات بأن الثواب هذا جزاء بما كانوا يعملون أي بسبب ما كانوا يعملون فالباء للسببية في قوله : (( جزاء بما كانوا يعملون )) والباء للعوض في قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( لن يدخل الجنة أحد بعمله ) وبهذا يجمع بين النصين (( وأعد لهم أجراً كريماً )) الأجر هو الكريم ولا الكريم هو المتفضل بالأجر ؟ يجب أن نعلم أن الكريم يطلق على الجواد الباذل للمال ويطلق على الشيء الحسَن ومنه قوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ ( إياك وكرائم أموالهم ) يعني الحسنة فقوله : (( أجراً كريماً )) أي حسناً فما وجه كرم هذا الثواب أو هذا الأجر ؟ أن الله جعل الحسنة بكم ؟ بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة هذا من وجه ، ومن وجه آخر أن مدة بقاء الإنسان في الدنيا كم بالنسبة للآخرة ؟ ليس بشيء إطلاقاً ولا ينسب ، الرسول عليه الصلاة والسلام يقول ( لموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما فيها ) الدنيا اللي أنت فيها ولا الدنيا اللي قبلك ولا بعدك ؟ اللي قبلك بعدك واللي أنت فيها ، موضع السوط والسوط كما تعرفون حوالي متر خير من الدنيا وما فيها إذاً فكرم هذا الثواب يعني لا ينسب إلى العمل أو بالأصح لا ينسب العمل إليه لأنه كرم واسع لا نهاية له (( خالدين فيها أبداً )) اللهم اجعلنا وإياكم منهم .