تفسير قول الله تعالى : (( ... وله الحمد في الآخرة )) حفظ
كالدنيا يحمده أولياؤه إذا دخلوا الجنة قوله : (( وله الحمد في الآخرة )) هنا خص الحمد في الآخرة مع أنه محمود في الدنيا والآخرة كما قال الله تعالى في آية ثانية : (( لَهُ الْحَمْدُ فِي الأُولَى وَالآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ ))[القصص:70]^لكنه ذكر ذلك لأن ظهور حمده في الآخرة أبين وأوضح فإن في الدنيا من ينكر حمد الله عز وجل ويكفر به ولا يرى إلا أن هذه الدنيا طبيعة تتفاعل بذاتها وليس لها مدبر ومن اعتقد هذا الاعتقاد فهل يمكن أن يحمد الله ؟ أبداً لا يمكن حتى لو رأى الخير واندفاع الشر فإنه لا يحمد الله لأنه لا يقر به لكن في الآخرة لا يمكن لأحد إلا أن يحمد الله فالحمد في الآخرة لله كما أنه في الآخرة لا أحد يحمد إلا النادر قال الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم : (( عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ))[الإسراء:79]^أما بقية الناس ممن لم يحمدهم الله عز وجل فإنهم ليس لهم في الآخرة فأنت في الدنيا تحمد من يحسن إليك لكن في الآخرة ما تحمد صديقك ولا صاحبك اللهم إلا أن يكون ذلك بعد دخول الجنة فربما يقول : (( وله الحمد في الآخرة )) كالدنيا يعني كما أن له الحمد في الدنيا وكأن المؤلف بهذا التقدير رحمه الله يقول : إنه حذف الشق الآخر لدلالة السياق عليه كما في قوله تعالى : (( وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ ))[النحل:81]^يعني والبرد قوله : " يحمده أولياؤه إذا دخلوا الجنة " نعم قال الله تعالى : (( وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ ))[الزمر:74]^ولكن الصحيح أنه يحمد حتى على جزاء الكافرين فإن الله تعالى في آخر سورة الزمر لما ذكر سوق أهل النار إلى النار وسوق أهل الجنة إلى الجنة قال : (( وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ))[الزمر:75]^فإن الله تعالى يحمد على كمال عدله وكمال فضله ومجازاته لأهل النار من باب إيش ؟ من باب العدل فيحمد عليه قال : " يحمده أولياؤه إذا دخلوا الجنة "