تفسير قول الله تعالى : (( بل الذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب والضلال البعيد )) حفظ
قال الله تعالى مبطلاً ذلك (( بَلْ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ )) المشتملة على البعث والعذاب (( فِي الْعَذَابِ وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ )) (( في العذاب )) فيها (( والضلال البعيد )) إيش بعدها ؟ عن الحق في الدنيا قوله (( بل )) هذه للإدراك وهل هو إضراب الإبطال أو الانتقال ؟ الإبطال ، الإضراب الإبطالي معناه أن ما قبل بل باطل ، والإضراب الانتقالي معناه أن ما قبل مرحلة انتقل منها إلى المرحلة الأخرى بدون إبطال لها فهنا (( بل )) للإضراب الإبطالي يعني أن الله أبطل هذين القسمين اللذين ردد هؤلاء الكفار حال النبي صلى الله عليه وسلم بينهم يعني بل هو غير مفتر وليس به جنة ولكن هؤلاء الذين لا يؤمنون في العذاب والضلال البعيد ولا يمكن أن نتركهم ومثال الإضراب الانتقالي قوله تعالى (( بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ ))[النمل:66]فإن هذا انتقالي يعني أنهم أولاً بعد علمهم في الآخرة ثم شكوا فيها ثم بعد ذلك عموا عنها والعياذ بالله فهذه أحوالهم الانتقالية قال الله (( بَلْ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ )) أي لا يصدقون بها ولا يعترفون
الطالب : ......؟
الشيخ : قد تأتي أحياناً مثل (( أو يزيدون )) .
قال (( بَلْ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ )) أي لا يؤمنون بوجودها ولا يؤمنون بما يحصل فيها وقد مر علينا أن اليوم الآخر يدخل فيه كل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم مما يكوم بعد الموت ، فكل ما أخبر به الرسول مما يكون بعد الموت كفتنة القبر ونعيمه وعذابه فإنها داخلة في الآخرة قال " المشتملة على البعث والعذاب "(( في العذاب )) فيها (( والضلال البعيد )) يعني الحق في الدنيا المؤلف رحمه الله قيد المطلق في الموضعين هنا قال الله (( في العذاب )) والمؤلف قال : " في الآخرة " وقال (( والضلال البعيد )) وقال : " في الدنيا " والأصح أن الآية مطلقة فهم في العذاب في الدنيا وفي الآخرة أما عذاب الآخرة فظاهر وأما عذاب الدنيا فما في قلوبهم من الحرج والضيق وما يحصل عليهم أيضاً من العذاب من الله عز وجل كما قال تعالى (( فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا))[العنكبوت:40]وكذلك العذاب الذي يجرى على أيدي الرسل كالعذاب الذي يحصل لهم بالهزائم فإن هذا من عذاب الدنيا أما في الآخرة فظاهر إذاً فالعذاب يشمل الدنيا والآخرة وتقييده بالآخرة فيه نظر بل إنه ينبغي لنا بل يجب علينا ألا نقيد شيئاً أطلقه الله إلا بدليل من كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم أو الإجماع وقوله (( الضلال البعيد )) يقول : " في الدنيا " فهم في ضلال بعيد عن الحق وهم أيضاً في ضلال في الآخرة فإنهم لا يهدون إلى الصراط الذي ينجو به من عبره من النار ولكنهم يهدون إلى صراط الجحيم فيضلون عن الصراط الذي به النجاة قال الله تعالى (( احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ * مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ ))[الصافات22:23]وقال سبحانه وتعالى عن المؤمنين (( نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ ))[التحريم:8]فدل ذلك على أن الضلال كما يكون في الدنيا يكون كذلك في الآخرة فالأولى إذاً إبقاء النص على عمومه في الدنيا وفي الآخرة .