فوائد قول الله تعالى : (( فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل )) حفظ
ثم قال الله عز وجل (( فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ )) إلى آخره من فوائد الآية الكريمة : بيان حال هؤلاء القوم أنهم بدلوا نعمة الله كفراً وكان الله عليهم أن أنعم الله عليهم بهذه النعم أن يشكروه ويقوموا بطاعة الله لكنهم أعرضوا .
ومن فوائد الآية الكريمة : عقوبة المعرضين بما تقتضيه حكمة الله وقد قال الله تعالى في آية أخرى (( فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِه ))[العنكبوت:40]فالعقوبات تكون من جنس العمل فهؤلاء لما بطروا نعمة الله وكفروا به سبب هذه الجنات أبدلوا بجنات سيئة بالنسبة لما نعموا به من قبل .
ومن فوائد الآية الكريمة أيضاً : إثبات الأسباب من أين تؤخذ ؟ (( فأعرضوا فأرسلنا )) فجعل الله تعالى سبب الإرسال إعراضهم .
ومن فوائدها : أن المعاصي سبب لزوال النعم لقوله (( فأعرضوا فأرسلنا )) بينما كانوا منعمين لما أعرضوا أرسل الله عليهم هذا السيل المدمر وهذا له شواهد في القرآن كثيرة منها قوله (( وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ))[النحل:112]ومنها قوله تعالى (( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ))[الأعراف98:99].
ومن فوائد الآية الكريمة : أن المطر الذي هو نعمة ورحمة قد يكون نعمة وعذاباً لقوله هنا (( سيل العرم )) فإن السيل في الأصل الذي هو : إجتماع المطر حتى يتدفق الأصل أنه خير كما قال تعالى (( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ ))[السجدة:27]وهذا خير ولا لا ؟ خير ولكن أحياناً يكون عذاباً .
ومن فوائد الآية الكريمة : بيان ضلال أولئك القوم الذين إذا أصابتهم مثل هذه المصائب مثل الفيضانات وما أشبهها لم يتأثروا لذلك ويقولون هذا مقتضى الطبيعة فإن هذه الفيضانات التي تدمر إنما هي عقوبة من الله عز وجل عقوبة ليبتلي بها أولئك المعذبين ويرتدع بها من كان على شاكلتهم .
ومن فوائد الآية الكريمة : بيان قدرة الله عز وجل بإرسال هذه السيول الجارفة التي أغرقت ثمارهم وزروعهم ونبت بعد هذه الثمار والزروع نبت (( خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ )) ما هو السدر شيء من سدر قليل نعم فبدل تلك الجنات العظيمة صار هذا حل محلها .
ومن فوائد الآية الكريمة : الحكمة في أن الله عز وجل جعل بدل الجنتين جنتين أخريين لأن الطاعة نور وصلاح وفلاح فيناسبها الجزاء بالعطاء والمعصية ظلمة وفساد فناسبها أن يكون فيها هذا البدل السيئ بالنسبة لما قبله .