تفسير قول الله تعالى : (( يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات )) حفظ
ثم قال الله عز وجل في الدرس الجديد (( يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ )) إلى آخره (( يعملون له )) لمن ؟ لسليمان وهذا كالتفصيل لقوله (( ومن الجن من يعمل بين يديه )) كأنه قيل : ماذا يعملون ؟ ففصل وقال (( يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ )) (( من )) بيانية مبينة للإبهام في الاسم الموصول وهو قوله (( ما يشاء )) يعني (( ما )) اسم موصول ونحن نعلم جميعاً أن الاسم الموصول من الأسماء المبهمة فقوله (( من محاريب )) بيان لـ(( ما )) (( من محاريب )) يقول المؤلف : " أبنية مرتفعة يصعد إليها بدرج " هذه المحاريب فالمحاريب عبارة عن أبنية مرتفعة ذات أسوار منيعة قال الله تعالى في داود (( وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ ))[ص:21]طيب هذا واحد(( وَتَمَاثِيلَ )) جمع تمثال وهو كل شيء مثلته بشيء أو صور من نحاس وزجاج ورخام ولم يكن اتخاذ الصور حراماً في شريعته التماثيل جمع تمثال وهو ما صور عل مثال شيء آخر فكل ما صور على مثل شيء آخر فإنه يقال تمثال له وعلى هذا فيمكن أن نقول لمن صور صورة الشجرة ونحتها من جسم للشجرة وكذلك نقول لمن نحت خشباً أو حجراً نقول إن هذا تمثال والمؤلف جزم بأن المراد بالتماثيل " ما كان تمثالاً لحيوان " ولهذا قال أي صوراً نعم كل شيء مثلته هذا أصل التمثال أو صور من نحاس وزجاج ورخام النحاس معروف والزجاج والرخام كذلك يقول " ولم يكن اتخاذ الصور حراماً في شريعته " وهذا مبني على أن المراد بالتماثيل تماثيل ما يحرم تصويره كالحيوان من إنسان وغيره ولكن نقول إن هذا لا يلزم أن يكون المراد بالتماثيل هي صور الحيوان فمن الجائز أن ينحتوا له مما رقى من النحاس والزجاج والرخام أن ينحتوا له أشياء على صور شجر ويقال إن هذا تمثال فيها الآن مجسمات يجعلوها على صورة نخلة على صورة سيف على صورة قصر وما أشبه ذلك نقول هذا تمثال ولا لا ؟ تمثال وفيه أيضاً مجسمات على صورة حيوان أسد أو جمل أو بقر أو ما أشبه ذلك هذا أيضاً تمثال فنحن الآن نقول إن كان قوله (( ما يشاء من محاريب وتماثيل )) إنه عام لتمثال الحيوان والأشجار وغيرها فنحتاج حينئذ أن نجيب بما أجاب به المؤلف وهو أن الصور في شريعته ليست حراماً ولكن ما دام الأمر غير لازم إذ من الممكن أن تكون التماثيل التي يأمرهم بها تماثيل أشياء يجوز تصويرها فلا حاجة إلى هذا الجواب نعم (( وَجِفَانٍ )) جمع جفنة (( كَالْجَوَابِ )) جمع جابية وهي حوض كبير يجتمع نعم ((جِفَانٍ كَالْجَوَابِ )) الجفان ما هي ؟ الصحفة التي يوضع فيها الطعام (( كالجواب )) جمع جابية والجابية هي الحوض الكبير ومنه البركة تسمى جابية حتى الآن يسمون البرك يسمونها جوابٍ هذه الجفان على ما تقتضيه الآية الكريمة جفان كبيرة واسعة نعم يقول المؤلف يبين لنا سعتها : " يجتمع على الجفنة ألف رجل يأكلون منها " وهذا قد يكون واقع وقد يكون الأمر أكبر من هذا وقد يكون دون هذا المهم أن هذه الجفان بعظمها وسعتها وكبرها مثل إيش ؟ مثل الجواب وهي الأحواض الكبيرة يعني البرك (( وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ )) ثابتات لها قوائم لا تتحرك عن أماكنها تتخذ من الجبال باليمن يصعد إليها بالسلالم (( قدور راسيات )) قال العلماء الراسي الثابت والقدور جمع قدر وهو ما يطبخ فيه الطعام وإنما كانت راسية لكبرها كبيرة راسية في الأرض فهي لكبرها لا يستطيع أحد أن يتناولها ويقلبها والعادة أن القدور راسية ولا منقولة ؟ منقولة مقلبة لكن هذه لكبرها وسعتها وعزمها راسية ما تتحرك وقول المؤلف : " لها قوائم " ما المراد بالقوائم ؟ المناصب التي تنصب عليها أرجل يعني يقول رحمه الله " تتخذ من الجبال باليمن " هذا ليس بلازم أنها متخذة من الجبال وإن كانت القدور قد تتخذ من النحاس والحديد وكذلك من الأحجار ممكن تنحت وتكون قدراً نعم وممكن أن تجعل طيناً وتتخذ منها الفخار ولكن ليس بلازم يعني تتخذ من الحديد والنحاس ومن الأحجار ومن غير ذلك