فوائد قول الله تعالى : (( ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور )) حفظ
نقرأ درس جديد يقول الله عز وجل (( وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا )) بالماء والشجر إلى آخره (( جعلنا بينهم )) كل الإضافات كل نسبة الفعل الآن إلى (( نا )) الدالة على العظمة نعم (( جعلنا بينهم )) الضمير يعود على سبأ (( وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا )) وهي البلدة سواء كانت كبيرة أو صغيرة وسميت قرية لأنها تجمع وما اشتهر عند الناس أن القرية هي المدن الصغار هذا اصطلاح عرفي وإلا فإن الله يقول في أم القرى (( وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ ))[محمد:13]فالقرية اسم للبلد سواء كان كثيراً أو قليلاً سمي بذلك لأنه يجمع الناس وقوله : (( القرى التي باركنا فيها )) ما هي القرى التي بارك الله فيها ؟ قيل : أنها قرى اليمن كصنعاء ونحوها وقيل : إنها قرى الشام نعم ولكل من القولين وجه لأن الله سبحانه وتعالى بارك في الشام وبارك في اليمن قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا ) ولهذا اختلف المفسرون هل المراد بالقرى التي بارك الله فيها قرى الشام أو المراد بالقرى التي بارك الله فيها قرى اليمن ؟ أيهما أعظم منة أن يكون المراد بها قرى الشام أو قرى اليمن ؟ قرى الشام لبعدها فهم يذهبون إلى الشام ويرجون منه فيقول : (( وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً )) قال المؤلف : " باركنا فيها بالماء والشجر " يعني والثمار وهي قرى الشام التي يسيرون إليها للتجارة (( قرى ظاهرة )) من اليمن إلى الشام (( ظاهرة )) يعني بينة يرى بعضها من بعض لأن القرية إذا كانت بعيدة عن الثانية ما صارت ظاهرة إذا خرجت من قرية إلى قرية وهي بعيدة منها هل تكون القرية الثانية ظاهرة لك ؟ لا تجد أحد يدلك لكن إذا كانت متواصلة متقاربة صارت إيش؟ ظاهرة بادية للعيان فهذه القرى متواصل بعضها ببعض من اليمن إلى الشام والذين قالوا : إن المراد قرى اليمن قال : لأنه لا يعلم أن هناك قرى متصلة من اليمن إلى الشام وقالوا : إن الواقع يدل على خلاف ذلك وأن المراد بالقرى قرى اليمن ، وعلى كل حال لكل واحد من قال له وجه ، قال: (( قرى ظاهرة )) متواصلة من اليمن إلى الشام (( وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ )) يعني جعلناه مقدراً بمراحل ينزلون من قرية إلى أخرى مرحلة إلى مرحلة ، تعالى يا إبراهيم هذا ما فيه أحد هذا أقرب لكم ، نعم يقول : (( قدرنا فيها السير )) " بحيث يقيلون في واحدة ويبيتون في أخرى إلى انتهاء سفرهم ولا يحتاجون فيه إلى حمل زاد وماء " هذا معنى تقدير السير، تقدير السير إنه يكون مقدر بمراحل حسب هذه القرى يقيلون في واحدة ويبيتون في أخرى ثم يقيلون في الثانية ويبيتون في الأخرى وهكذا أن تقدير السير على هذا الوجه لاشك أنه من نعمة الله على الناس فإن الخطوط التي ليس فيها مدن تكون في الغالب طرقاً مهلكة مخيفة لكن إذا كانت متواصلة صارت أيسر للسالك وأشد طمأنينة بل وأقرب للسير كأنك إذا مشيت من قرية إلى أخرى تحس إنك قطعت مرحلة مثل القرآن الكريم الآن لما جعل آيات وسوراً وأجزاء صار أسهل للقارئ ، الكتاب إذا كان مفصل بأبواب وفصول صار أيسر ، الطريق أيضاً الحسي طريق الأرض إذا كان فيه قرى متوالية صار أيسر من الطريق الطويل الذي يمل الإنسان ولا يرى أنه قطع مرحلة فيه ولهذا قال الله تعالى : (( وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ )) قال المؤلف : " قلنا سيروا " وعليه فتكون هذه الجملة في موضع نصب مقولاً لقول محذوف ، قلنا سيروا وهذا القول شرعي ولا قدري؟ قدري يعني أن الله تعالى قال لهم : سيروا في هذه الطرق (( فيها ليالي )) أي في هذه القرى (( لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ )) لا تخافون لا في ليل ولا في نهار وهذه من نعم الله أنهم يسيرون ليلاً ونهاراً آمنين لا يخافون من أحد ولا يخافون من تلف ولا من انقطاع ماء ولا فقد طعام