فوائد قول الله تعالى : (( فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهم فجعلناهم أحاديث ومزقناهم كل ممزق إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور )) . حفظ
(( فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا )) في هذا دليل على أن هؤلاء القوم لم يصبروا على هذه النعم بل طلبوا زوالها وتغييرها وهل هذا القول باللسان أو بالفعل ؟ بمعنى هل قالوا فعلاً (( ربنا باعد بين أسفارنا )) أو أنهم لما ظلموا أنفسهم وكفروا صار ذلك سبباً لتباعد ما بين هذه القرى حيث اندمرت وفسدت وخربت ؟ الأول هو ظاهر اللفظ أنهم قالوا ذلك فعلاً فباعد الله بينهم .
ومن فوائد الآية الكريمة : أن هؤلاء القوم لما بطروا النعمة وعجزوا عن صبرها أضافوا إلى ذلك ظلم أنفسهم بالكفر من قوله (( وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ )) .
ومن فوائدها : أن هؤلاء القوم صاروا أحاديث للناس من بعدهم وهذا نوع من الخزي والعار والعياذ بالله أن يشتهر أمر الإنسان حتى يكون أحدوثة لمن بعده نعم ولهذا قال (( فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ )) .
ومن فوائدها أيضاً : أن هؤلاء الذين أنعم الله عليهم بالاجتماع في قراهم وقبائلهم مزقوا كل ممزق فشردوا في البلاد وتفرقوا لقوله : (( وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ )) .
ومن فوائدها : أن ما يفعله الله عز وجل بالعصاة والظالمين يكون آية للمعتبرين سواء كان ضراء فيصبرون أو سراء فيشكرون لقوله : (( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ )).
ومن فوائدها : فضيلة الصبر والشكر ، الصبر على الضراء والشكر على الرخاء والإنسان دائماً مصاب بهاتين الآفتين إما ضراء وإما سراء قال الله تعالى : (( وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ))[الأنبياء:35]والموفق من أعطى كل حال ما يجب لها ففي الضراء يجب عليه الصبر وانتظار الفرج وليعلم أن الله عز وجل إذا قدر عليه الضراء ليصبر فإن ذلك نعمة من الله عليه كيف ذلك ؟ لأن الصبر كما أعلم درجة عالية ومنزلة الصابرين من أعلى ما يكون من الصبر ، من أعلى ما يكون من المراتب والمنازل هذه الدرجة والمرتبة أو المنزلة إذا لم يكن هناك شيء يمتحن فيه العبد فإنه إيش؟ لن يناله لابد من أذى ولابد من مصائب يصبر عليها الإنسان حتى ينال بذلك درجة الصابرين وكذلك أيضاً الشكر درجة عالية لا ينالها إلا من وفق فإن الإنسان إذا أذاقه الله النعماء من بعد الضراء فالغالب عليه أنه يفخر ويفرح ويبطأ فإذا أضاف إلى ذلك الشكر عند الرخاء والصبر عند البلاء نال بهذا درجة الصابرين الشاكرين قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر اليسر ) وانتظار الفرج معونة على الصبر فإن الإنسان إذا أيس ولم ينتظر الفرج ضاقت عليه الدنيا وتضاعفت عليه المصيبة لكن إذا كان ينتظر الفرج مؤمناً بذلك هان عليه الأمر .